منارة عدن/ المشهد
لمسة وفاء قدّمها الجنوب العربي، اليوم لأحد رجاله المخصلين الذين قدّموا عطاء وفيرا من أجل الوطن، وهو اللواء صالح السيد أركان القوات البرية الجنوبية، مدير أمن لحج، الذي كان قد توفي في أبريل الماضي، تأكيدا من جديد على أن الجنوب لا ينسى ما يقدمه له أبناؤه.
الجنوب أقام فعالية مهيبة لتأبين اللواء صالح السيد بمناسبة مرور 100 يوم على وفاته، حضرها الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي، القائد الأعلى للقوات المسلحة الجنوبية، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، بالعاصمة عدن، مئوية فقيد الوطن المناضل البطل اللواء صالح السيد أركان القوات البرية الجنوبية، مدير أمن محافظة لحج.
الفعالية بُدأت بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، والنشيد الوطني الجنوبي، وقراءة الفاتحة على روح الفقيد الراحل.
بعد ذلك، ألقى الرئيس الزُبيدي، كلمة حيّا في مستهلها، أسرة وذوي الفقيد البطل صالح السيد، معبراً عن فخره واعتزازه بالمشاركة في هذه الفعالية لأحد القادة الأفذاذ الذين قدموا تضحيات كبيرة في سبيل عزة وكرامة الوطن الجنوبي، وحفظ أمنه واستقراره.
وأكد الرئيس الزُبيدي أنَّ القائد البطل صالح السيد رحل جسدا، لكن روحه كانت وستبقى حاضرة في وجدان الجميع بما اجترحه من بطولات ومآثر خالدة على امتداد مسيرة حياته الحافلة بالعطاء.
وأضاف أن اللواء صالح السيد كان ركنا أساسيا من أركان القوات المُسلحة الجنوبية، وأن العهد له، ومن سبقه من الشهداء الأبرار الذي قدموا أرواحهم رخيصة لأجل هدف استعادة وبناء الدولة الجنوبية المستقلة، هو الوفاء لهم، والسير على خطاهم، ولا تنازل عن هذا الحق مهما كلف من تضحيات ومهما كانت التحديات.
كما حرص الرئيس القائد على تسليم درع تذكاري لأسرة وذوي الفقيد عرفانا وتقديرا بالسيرة النضالية الطويلة للفقيد وأدواره الوطنية، وما قدمه من إسهامات مشهودة في وضع الأساسات المتينة للقوات المسلحة الجنوبية، وتضحيات جسيمة في مواجهة خطر المليشيات الحوثية والتنظيمات الأرهابية.
كما ألقى فضل الجعدي عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، نائب الأمين العام لهيئة رئاسة المجلس، رئيس اللجنة التحضيرية للفعالية، كلمة قدم في مستهلها الشكر للرئيس القائد عيدروس الزُبيدي على تشريفه ورعايته للفعالية، معددا بعضا من سجايا ومناقب الفقيد، وما قدمه من إسهامات وتضحيات في سبيل الانتصار لقضيته وحفظ أمنه واستقرار.
وقدم الجعدي في سياق كلمته، الشكر لأسرة الفقيد على الجهود كبيرة التي بذلتها في تسهيل عمل اللجنة، للتحضير وإنجاح هذه الفعالية التأبينية، مؤكدا أن هذه الفعالية ليست سوى جزءا يسيرا من الوفاء للمشوار النضالي الزاخر للفقيد، وما بذله من تضحيات.
كما ألقى هاشم السيد شقيق الفقيد كلمة أسرته، قدم في مستهلها الشكر للرئيس الزُبيدي على ما أولاه من اهتمام خاص لإقامة هذه الفعالية التأبينية، وتواصله المستمر مع أسرة الفقيد، مؤكدا السير على نهج الفقيد خلف الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي حتى تحقيق كامل الأهداف التي نذر الفقيد حياته لأجلها.
وشهدت الفعالية، إلقاء الشاعر محسن علي السليماني قصيدة شعرية في رثاء الفقيد، وعرض فلم وثائقي تضمن عرضا لأبراز المحطات في مسيرة الفقيد الراحل، وشهادات للقيادات السياسية والعسكرية الجنوبية في حق الفقيد، وأبرز ما تميز به الفقيد من سجايا إنسانية تجاه أفراد أسرته وزملائه.
لمسة الوفاء التي قدّمها المجلس الانتقالي، للواء صالح السيد حظيت بتقدير واسع بين الجنوبيين لا سيما كونها تحمل رسالة تقدير من الجنوب لكل من يقدم جهودا كبيرة لتحقيق تطلعات الجنوبيين سواء على صعيد الاستقرار الأمني أو المعيشي، وأحد هؤلاء الأبطال هو اللواء صالح السيد.
واللواء صالح السيد بدأ مشواره العسكري عام 1988، في معسكر “العند” لدى قوات الشرطة العسكرية التي استمر فيها لمدة 6 أشهر، قبل انتقاله إلى اللواء الخامس في محافظة لحج، لمدة قرابة أربعة أعوام.
وقبل اندلاع حرب صيف 1994 الظالمة، اعتقل اللواء صالح السيد، من قبل نظام الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، وتم إدراجه في أحد سجون المخابرات اليمنية، حتى انتهاء الحرب، قبل أن يُفرَج عنه لاحقا.
واصل اللواء السيد، مشواره العملي لاحقا، وعُيّن في محافظة ذمار في صفوف الشرطة العسكرية، ولم تمضِ أعوام حتى دخل في مشادّة مع قائد الشرطة العسكرية في ذمار، نتيجة سياسة التهميش التي كان يتعامل بها نظام صالح مع الكوادر العسكرية الجنوبية بعد انتصاره في حرب 1994، ليواجه السيد اعتقالا آخر دام قرابة شهر، ليفضل بعدها العودة إلى منزله والاعتكاف فيه.
ومع بدء زخم الحراك الجنوبي بغية استعادة الدولة، كان اللواء السيد رغم وجوده في المملكة العربية السعودية، من أوائل المنضمين إلى هذه المطالب الشعبية التي بدأت تتكون منذ العام 2000.
وكان السيد، من بين أبرز الشخصيات الجنوبية في الخارج التي أسست نواة ما بات يُعرف “بكتيبة سلمان” التي دخلت الحرب التي شهدتها العاصمة عدن ضد مليشيا الحوثي والقوات الموالية لعلي صالح.
وبعد ذلك، عاد اللواء صالح السيد، إلى العاصمة عدن، وشارك مع رفاقه في المقاومة الجنوبية، في خوض المعارك ضد المليشيات الحوثية، وقوات صالح، وتحرير بضع مناطق من العاصمة عدن، وقد أصيب بطلقة قناص في مديرية التواهي في عدن، وتم نقله إلى أحد المستشفيات.
لم تتوقف مسيرة اللواء السيد عند إصابته، إذ عاد بعد تماثله للشفاء للمشاركة في قيادة المعارك التي اتجهت صوب محافظة لحج، وكان من أبطال معركة تحرير قاعدة “العند” العسكرية الجوية، قبل أن يتلقى إصابته الثانية، التي عاد بعدها لاستكمال دوره العسكري في تحرير محافظته.
وفي 2016، تم تعيينه مديرا لإدارة أمن محافظة لحج، ليواصل مشواره ودوره البارز في فرض الأمن والاستقرار في محافظة لحج، إذ شنّ أكثر من حملة أمنية ضد العناصر الإرهابية المتطرفة التي خلقتها الفوضى في أثناء سيطرة المليشيات الحوثية.
وأصيب اللواء صالح السيد، برصاصة غادرة في ظهره، أثناء مواصلة عمله الأمني عقب التحرير في أكثر من محافظة جنوبية، أبرزها العاصمة عدن ومحافظة أبين، لكن ذلك لم يكن كافيا لتثبيط عزيمته وإصراره في فرض الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب في مختلف مناطق الجنوب.
وفي يونيو من العام الماضي، نجا اللواء صالح السيد في العاصمة عدن، من محاولة اغتيال فاشلة، استهدفت موكبه، بينما استشهد 4 من مرافقيه إلى جانب 6 مدنيين، جراء الانفجار، الذي تم عبر سيارة مفخخة.
زر الذهاب إلى الأعلى