منارة عدن/ انديبندت عربية
يواجه الأطفال في اليمن أخطاراً كثيرة، بما في ذلك خطر الألغام والأجسام الحربية من مخلفات الحوثيين، والتي تسببت في مقتل وإصابة الآلاف من المدنيين بينهم نساء وأطفال، فيما يعاني كثيرون من إعاقات مستديمة جراء انفجارات وهم يلعبون أو في طريقهم لجلب المياه أو حتى ذهابهم إلى مناطق الرعي.
المرصد اليمني للألغام، وهو مرصد يعمل على رصد الضحايا وفق ما تصله من بيانات أو ما ينشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قال إن ثلاثة أطفال بينهم شقيقان توفوا إثر انفجار “جسم حربي” في مخيم السويداء للنازحين بمحافظة مأرب، موضحاً أن الطفل عبدالحميد صالح صبـر (سبع سنوات) وشقيقته تواضع صالح صبـر (ثماني سنوات) قتلا أثناء اللعب، بينما توفي عمر خالد صبـر (ثماني سنوات) في الحادثة ذاتها.
فقدان الأحباب
آلام الحزن والفراق طاولت سيدة فقدت أطفالها وشقيقها وعمها، فعندما استيقظت نادية حسين في مخيم النازحين التي تقطنه في ريف محافظة مأرب شرق اليمن، لم تكن تعلم أن ذلك الصباح هو الأخير الذي سترى فيه صغارها، وأنها ستفقدهم بعدما رافقوها في رحلات النزوح المتكررة والقاسية التي عاشتها العائلة بداية من ريف صنعاء في مديرية نهم، مروراً بعدد من المناطق في المحافظة التي استقبلت ملايين النازحين الفارين من نيران الحرب الحوثية وبطشها، قبل أن تستقر بمأرب.
لم تندمل جروح نادية بعد من فقدان شقيقها الأكبر وشقيق والدها في المواجهات مع الحوثيين، لكن نيران الحزن زادت حدتها بفقد طفليها عبدالحميد وتواضع. وتحكي عن الحادثة قائلة “مثل كل الأيام يخرجون مع الأطفال في المخيم ويعودون إلى خيمتهم، غير أنهم خرجوا الجمعة ولم يعودوا، فبينما كانوا يلعبون لم نسمع إلا انفجاراً عنيفاً”.
كفكفت نادية دموعها وهي تتذكر الحادثة التي فقدت فيها ابنيها، ثم هدأت قليلاً وقالت “هرع الأهالي إلى المكان، فوجدوا ثلاثة أطفال مزقهم الانفجار وحول أحدهم إلى جسد متفحم فيما تمكنوا من نقل الاثنين الآخرين إلى المستشفى لكنهم فارقوا الحياة”.
نيران حوثية
حمده الحرملي، واحدة من اليمنيات التي نالت منهن الحرب بصورة مؤلمة وموحشة، حيث فقدت أشقاءها الأربعة في معارك الحوثيين وهجومهم الشامل على ريف نهم شرق صنعاء، وفي تخوم مأرب بحوادث متفرقة، إلا أن فقدان طفلها أضاف إليها حزناً مع بؤس النزوح وفقدان الدار والأهل والحياة تحت رحمة النيران الحوثية.
وأشارت الحرملي إلى أن ابنها عمر صبر لقي حتفه أثناء اللعب بجسم غريب في مخيم السويداء بمحافظة مأرب، لافتة إلى أن زوجها يعمل سائق حافلة “باص” ويدرس في الجامعة، لكن شرور الحوثيين لم تكتف بقتل طفلهما بل تلاحق الزوج أيضاً، ولا تتوقف وهو حال الآلاف من اليمنيين الذين طالهم النزوح والموت المدفون في الأرض.
حقول متفجرة
المدير التنفيذي للمرصد اليمني للألغام فارس الحميري قال في حديثه لـ”اندبندنت عربية” إن “الأطفال يمثلون 70 في المئة من إجمالي ضحايا الألغام”، لافتاً إلى أن المرصد وثق منذ عام 2018 سقوط 1884 ضحية من المدنيين، نتيجة انفجارات ألغام وأجسام حربية من مخلفات الحرب في عدد من محافظات البلاد”.
وتشير تقديرات حكومية إلى أن ميليشيات الحوثي زرعت نحو مليوني لغم من مختلف الأشكال والأحجام في عدد من المحافظات اليمنية، غير أنه ومع تأرجح المواجهات العسكرية فمن الصعب معرفة المناطق التي تم زراعتها أو عدد الألغام المزروعة، فيما يرى خبراء أن ألغام الحوثيين أكثر من توقعات الحكومة والجهات المعنية والمتخصصة في نزع الألغام.
وعلى رغم الهدنة التي شهدها اليمن، وتراجع حدة المواجهات على جبهات القتال، منذ عام وأكثر، فإن الألغام المتعددة التي زرعتها الميليشيات لا تتوقف عن حصد أرواح الناس في الطرقات والمراعي والمزارع وحتى عند عودتهم إلى ديارهم.
فيضانات الألغام
من جانبها قالت بعثة الأمم المتحدة في الحديدة، أمس السبت، إنها سجلت مقتل ثمانية مدنيين بالألغام والمتفجرات في المحافظة خلال يونيو (حزيران) الماضي، لافتة إلى أنه تم الإبلاغ عن وقوع ضحايا بشكل أساس في مديريات الحالي وحيس والتحيتا جنوب المحافظة.
ونوهت البعثة الأممية بأن هناك خطراً يتمثل في زيادة انجراف الألغام الأرضية خلال الأشهر المقبلة بسبب الفيضانات المتوقعة في هذا الوقت من العام وبخاصة في مديريات حيس والخوخة المخا.
وخلال العام الماضي أدت الفيضانات الموسمية إلى جرف الألغام لمسافات طويلة، بما في ذلك الألغام المضادة للمركبات، مما زاد من تعرض المواطنين والحركة المرورية والتجارية للخطر.
مشروع سعودي
في غضون ذلك مدد مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية عقد تنفيذ مشروع “مسام” لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام التي زرعتها الميليشيات الحوثية لمدة عام، وذلك بمبلغ 33 مليوناً و292 ألف دولار أميركي، وبذلك يستمر عمل المشروع للعام السادس على التوالي لاستكمال مهامه الإنسانية التي بدأها في اليمن منذ يونيو (حزيران) 2018.
ينفذ المشروع من خلال فرق يمنية وسعودية وعالمية دربت لإزالة الألغام بجميع أشكالها وصورها بهدف تطهير الأراضي من أخطارها عبر تنفيذ أنشطة التدريب وبناء القدرات اليمنية في مجال نزع الألغام، وذلك ضمن سياسات التصدي للتهديدات المباشرة التي تطاول حياة الأبرياء.
وقال المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية عبدالله الربيعة في تصريح صحافي “إن تجديد هذا العقد مع الشريك المنفذ يأتي نظراً إلى ما يمثله هذا المشروع النوعي من أهمية حيوية في استكمال تطهير الأراضي اليمنية من الألغام التي تمت زراعتها بطريقة عشوائية”.
وأضاف الربيعة أن الأشكال والتمويهات المختلفة لأماكن زرع الألغام التي تستهدف المدنيين العزل “تسببت في إصابات مستديمة وإعاقات مزمنة وخسائر بشرية عديدة، كما استهدفت النساء والأطفال وكبار السن وغير ذلك من أعمال مهددة للأمن والحياة”، موضحاً أن المشروع تمكن حتى اليوم من انتزاع 404333 لغماً وقذيفة متنوعة.
زر الذهاب إلى الأعلى