منارة عدن / أحمد حرمل
اي حرب عسكرية بكل تأكيد لها أهداف سياسية والانتصار في الحرب يقاس بما يتحقق من أهداف سياسية للحرب وهذا أمر بديهي يعرفه كل المهتمين بالسياسة.
وبمنانسبة مرور ثمانية أعوام على انطلاق عاصفة الحزم تبرز أمامنا العديد من الاسئلة وأهمها سؤال ما الذي حققت عاصفة الحزم من أهداف سياسية لدول التحالف أو للشرعية
وبعيداً عن الأهداف السياسية لدول التحالف غير المعلنة، لأننا لسنا بصدد الحديث عنها، دعونا نقف أمام اهداف التحالف المعلنة من التدخل في حرب اليمن وهي : القضاء على الانقلاب وعودة الشرعية الى صنعاء والوقوف إلى جانب الشعب اليمني الشقيق في محاولاته لاسترجاع أمنه واستقراره.
وإضافة إلى ما أشرنا إليه أعلاه جاء في بيان انطلاق عاصفة الحزم بالنص : (المساندة الفورية بكافة الوسائل والتدابير اللازمة لحماية اليمن وشعبه من عدوان الميليشيات الحوثية المدعومة من قوى إقليمية هدفها بسط هيمنتها على اليمن وجعلها قاعدة لنفوذها في المنطقة مما جعل التهديد لا يقتصر على أمن اليمن واستقراره وسيادته فحسب بل صار تهديداً شاملاً لأمن المنطقة والأمن والسلم الدولي ).
فبعد ثمان سنوات من انطلاق عاصفة الحزم لم يتم إنهاء الانقلاب ولم ولن يتم إعادة للشرعية إلى صنعاء ولم يتم مساعدة الشعب في استرجاع أمنه واستقراره.
بمعنى أدق فشل التحالف في تحقيق أهداف عاصفة الحزم في الحد من قدرات الحوثي العسكرية وفشل في منع تهريب السلاح إلى المليشيات، ورغم اعلان السعودية ان الأجواء اليمنية باتت تحت سيطرة قواتها الجوية الا ان المسيرات والصواريخ الحوثية ظلت ولا زالت هي القوة الضاربة للمليشيات وتستخدمها في الزمان والمكان الذي تريده إلى درجة أنها تجاوزت حدود اليمن إلى العمق السعودي وفشل في إبقاء توصيف الحوثي في خانة الانقلابيين وفقاً لقرار مجلس الامن الدولي 2216 حيث سقط هذا التوصيف في مشاورات جنيف الاولى وبدلا من رعاية الأمم المتحدة لحوار بين شرعية وانقلابيين تحول إلى حوار بين طرفي الصراع وسقطت مفردة انقلاب وحلت محلها مفردة الأزمة وفشل في إقناع المجتمع الدولي بتصنيف الحوثي مليشيات إرهابية.
بدأت عاصفة الحزم بشكل جيد بضربات جوية مفاجاه أربكت مليشيات الحوثي ورفعت معنوية الوحدات العسكرية شمالاً التي كانت تتمركز على مشارف صنعاء (فرضة نهم) ومحافظات أخرى.
وجنوبا مثلت عاصفة الحزم بارقة أمل لتغير الوضع القائم وانهاء هيمنة وتسلط الشمال فاوجدت عمليات الانزال الجوي بالأسلحة حالة من التكافؤ في التسليح بين المقاومة في عدن وبقية محافظات الجنوب وبين مليشيات الحوثي إضافة إلى وجود القوات الإماراتية في عدن وما مثله هذا التواجد من أثر بالغ على معنوية رجال المقاومة ، وساعد الوعي الثوري الذي أوجده الحراك في التحاق أبناء الجنوب وبشكل لافت في صفوف المقاومة ولذا كانت جاهزية الشباب وشجاعتهم وفدائيتهم على إيجاد فارق هذا الفارق توج بتحرير الضالع وعدن وبقية المحافظات.
غلب على عاصفة الحزم العشوائية في قيادة المعركة منذ الوهلة الأولى ومع هذا التمسنا العذر لدول التحالف ظنا منا بأن الوقت لم يسعفها في اجراء الترتيبات اللازمة واعتقدنا بأن العشوائية التي برزت في جبهة عدن والمتمثلة في انزال الأسلحة باسم أشخاص وتوفير الدعم اللوجستي لبعض الفصائل ومنعها عن اخرى وتجاوز القيادات العسكرية المعينة من الشرعية وغيرها من الأمور ستنتهي بعد أشهر إلا إنهاء ظلت ملازمة لاداء التحالف.
وبدلا من تجاوز هذه العشوائية وتصحيح الأخطاء زادت حدتها وتحولت من عشوائية إلى عاصفة للفوضى وكانت أبرز مظاهر عاصفة الفوضى هي:
• عدم وجود قيادة موحدة على الأرض تدير مسرح العمليات.
• سلب القرار من قادة الجبهات إلى درجة بأن قادة الجبهات ملزمين بتنفيذ توجيهات التحالف حتى وان كانت مخالفة للوقائع والمعطيات على الأرض.
• غياب التنسيق بين قادة الجبهات وغرفة العمليات المشتركة في الرياض.
عدم استيعاب مبدأ الكر والفر في المعركة الذي يعني بأن الجبهات متحركة، فعلى سبيل المثال كانت بعض الجبهات تطلب إسناد جوي فلم يتم التجاوب لطلبها وبعد اسبوع او اسبوعين من طلب الإسناد الجوي تقوم طائرات التحالف بتنفيذ ضربات على المواقع التي طلب ضربها مع أن هذه المواقع قد باتت في يد المقاومة وتعرضت الكثير من الجبهات لضربات جوية خاطئة وتكررت هذه الضربات كثيراً بمثل ما حصل في جبل الزيتون في جبهة مثلث العند وما حصل في مدينة الضالع التي تعرضت لضربة جوية بعد ثلاثة أسابيع من تحريرها.
• استمر الانزال الجوي لبعض الجبهات في المحافظات الجنوبية المحررة وبعد شهرين من تحريرها دون أي مبرر مع أنه كان بالإمكان ايصال هذه الاسلحة عن طريق المطارات والموانئ ومن ثم إلى الجبهات المراد إيصال السلاح إليها.
خلاصة القول كانت حصيلة عاصفة الفوضى هي فشل المملكة العربية السعودية قائدة التحالف من استثمار تحرير محافظات الجنوب بشكل جيد لتنعكس تلك الانتصارات على جبهات الشمال وتصب بالمحصلة النهائية في مصلحة تحقيق اهداف التحالف المعلنة ومثل ما فشلت في الحفاظ على وحدة وتماسك دول التحالف حيث انسحبت قطر والبحرين والكويت ومصر والأردن وباكستان واستمر التحالف ممثلا في دولتي السعودية والإمارات ومشاركة رمزية من السودان، فشلت في الحد من قدرات مليشيات الحوثي العسكرية وتوالى سقوط جبهات الشمال الواحدة تلو الأخرى وانكمشت مساحة سيطرة الشرعية في الشمال.
لم يقف الأمر عند عاصفة الفوضى بل تعداه إلى ما هو أبعد فعاصفة الفوضى انتجت فوضى جديدة نستطيع أن نسميها فوضى العاصفة وكانت أهم مظاهر فوضى العاصفة هي:
• سلب السيادة (سيادة الأرض وسيادة القرار).
• دمار في عدن واعمار في محافظات أخرى.
• الفشل في إيجاد حالة من الاستقرار في محافظات الجنوب المحررة وتركها تعاني من انهيار العملة وانعدام الخدمات وما رافق ذلك من تردي الأوضاع في كافة المجالات.
• عدم القيام بإعادة إعمار ما دمرته الحرب من بنى تحتية.
• الاخفاق في تصحيح مسار المعركة.
• اتساع رقعة استقطاب بعض القوى من داخل صف الشرعية وخارجها.
• غياب حالة التوافق والانسجام في مجلس القيادة الرئاسي والحكومة واستمرار حالة التشظي والانقسام في صف قوى الشرعية وعودة حالة الاغتراب لمجلس القيادة ومعظم وزراء الشرعية.
• انكماش مساحة سيطرة الشرعية قابله تشكيل وحدات عسكرية جديدة فائضة عن الحاجة دون أن تكون لها أي وظيفة.
• توقيف رواتب وحدات عسكرية تتموضع في مناطق التماس وتتخندق في متاريس جبهات القتال وصرف رواتب لوحدات مستحدثه لا تقوم بأي مهام قتالية.
• تدريب وتسليح وتشكيل وحدات جديدة تتبع المملكة مباشرة وتدين لها بالولاء.
• دخول المملكة في حوار مباشر مع مليشيات الحوثي وتغييب الشرعية ومحاولة فرض بنوده المجحفة على أطراف الشرعية واي طرف يرفض تناصبه العداء.
هذه هي أبرز مظاهر فوضى العاصفة التي شملت كافة مناحي الحياة العامة والخاصة وضاعفت من معاناة الشعب وعمقت جراحه.
زر الذهاب إلى الأعلى