القوات الجنوبية.. صوت الأرض ورقمٌ صعب بوجه أذرع إيران والإرهاب
في آخر ظهور له منتصف الشهر الماضي، وجه أمير تنظيم القاعدة في اليمن، خالد باطرفي دعوة أشبه بالاستجداء إلى القبائل اليمنية لمناصرة عناصره للصمود في وجه القوات الجنوبية، مُقراً بالضعف الذي يعتري صفوف التنظيم من جراء هذه المواجهة.
حالة الاستعطاف التي ظهر بها باطرفي، تقدم شهادة دامغة على حجم الإنجاز الذي حققته القوات الجنوبية التابعة للمجلس الانتقالي في عملية سهام الشرق في دحر التنظيم من معاقله في محافظتي شبوة وأبين، والتي ظل البعض منها مقرات دائمة ومحصنة لعناصره لعشرات السنين، كما هو الحال مع وادي “عويمران” شرقي مديرية مودية في أبين.
إنجاز حققته القوات الجنوبية رغم التكلفة البشرية التي دفعتها من عناصرها اثناء العملية لملاحقة عناصر تنظيم القاعدة، ولا تزال مستمرة بشكل شبه يومي، بعد لجوء عناصر التنظيم إلى المواجهة غير المباشرة عبر استخدام العبوات الناسفة لاستهداف آليات القوات الجنوبية.
ويذكّر إنجاز القوات الجنوبية اليوم في وجه إرهاب القاعدة، بالإنجاز الذي حققته النواة التي تشكلت منها هذه القوات وهي المقاومة الجنوبية، أمام الوجه الآخر من الإرهاب المتمثل بجماعة الحوثي المدعومة من إيران مع اندلاع الحرب عام 2015م، وتمكنها في فترة قياسية من تحرير الجنوب منها، والذي لا يزال الانتصار الأبرز وربما الوحيد لعملية عاصفة الحزم التي أطلقها التحالف العربي في مارس من نفس العام.
فبمجرد مرور شهرين فقط على انطلاق عاصفة الحزم، حققت المقاومة الجنوبية أول انتصار على ذراع إيران بتحرير الضالع في مايو من ذات العام، وتبعه بثلاثة أشهر الإنجاز الأهم بتحرير عدن في أغسطس، ثم تحرير باقي محافظات الجنوب قبل انتهاء العام 2015م، بالتزامن مع تحرير المكلا ومديريات الساحل في حضرموت من عناصر القاعدة.
انتصارات ساحقة تعمقت مع تحول هذه المقاومات الجنوبية إلى تشكيلات عسكرية منظمة بدعم كامل من التحالف العربي وتحديداً دولة الإمارات، وباتت اليوم تتوزع على خارطة الجنوب بقوام يجاوز الـ200 ألف فرد موزعين بين ألوية العمالقة وألوية الأحزمة الأمنية وألوية دعم وإسناد وقوات النخبة الحضرمية والشبوانية، وتعززت قوتها بتشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي في أبريل 2017م والذي بات مظلة سياسية لها ولمشروع استعادة الدولة جنوباً.
وأثبتت هذه القوات على جدارتها كأداة عسكرية حاسمة للمعركة التي يقودها التحالف العربي في وجه ذراع إيران في اليمن، مستندة إلى حاضنة شعبية في الجنوب رافضة للفكر الحوثي ولمشاريعه الطائفية، ومواجهتها على امتداد خارطة الجنوب، وحتى في عمق خارطة الشمال، وتجسد ذلك بمعارك تحرير الحديدة عام 2018م التي شكلت قوات العمالقة الجنوبية العمود الفقري لها.
وعادت القوات الجنوبية لتؤكد على ذلك، عبر معركة “إعصار الجنوب” التي شنتها قوات العمالقة مطلع العام الماضي ونجحت من خلالها بتحرير مديريات شبوة الغربية بالإضافة إلى مديرية حريب التابعة لمحافظة مأرب وخلال شهر واحد فقط، من قبضة مليشيات الحوثي التي سيطرت على هذه المديريات بعد انسحاب مريب للقوات الخاضعة لسيطرة جماعة الإخوان.
سلسلة الانتصارات للقوات الجنوبية في معاركها ضد جماعات الإرهاب بشقيه القاعدة والحوثي، ونجاحها في تأمين محافظات الجنوب، يجسد حقيقة كونها مجرد انعكاس للواقع جنوباً وتعبير عن طموح الشعب جنوباً في استعادته دولته وتأسيس أولى لبناتها بمؤسستي الجيش والأمن، وهو ما مثل العامل الأهم في صمود ونجاح القوات الجنوبية في كل معاركها منذ بداية الحرب.
معارك خاضتها القوات الجنوبية ضد كل المشاريع المعادية للجنوب من جماعة الحوثي إلى جماعة الإخوان، التي باتت اليوم على وشك خسارة نفوذها من خارطة الجنوب جراء سياستها المعادية لمشروعه، وكان آخرها الهزيمة التي تلقتها التشكيلات العسكرية والأمنية الموالية لها في الأحداث التي شهدتها مدينة عتق عاصمة شبوة في أغسطس الماضي.
ولعل الحراك الشعبي المتصاعد في مديريات وادي حضرموت منذ أشهر للمطالبة بإخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى وإحلال قوات النخبة الحضرمية بدلا عنها، مؤشر صارخ على مدى ما تمثله هذه القوات لأبناء الجنوب من ضمانة للأمن بوجه إرهاب الحوثي وإرهاب القاعدة، وهو ذات المشهد الذي تعيشه محافظة المهرة، ما يمثل إجماعاً جنوبياً على أن تبسط قواته يدها على خارطة الجنوب.