انقطاع الاتصالات والانترنت عن مدينة التواهي يحولها إلى “قرية نائية”
تشهد مديرية التواهي في العاصمة عدن حالة من الشلل التام بعد انقطاع شامل في خدمات الاتصالات والإنترنت، حيث توقفت كل من شبكات “يمن موبايل” و”عدن نت” عن العمل منذ عصر الأربعاء.
المناطق الحيوية التي تأثرت بالانقطاع تشمل جولد مور ومنطقة الفتح وأحياء أخرى، مما أثار استياء السكان الذين أصبحوا في عزلة رقمية تامة، وسط تجاهل الجهات المعنية لمعالجة الأزمة، رغم مرور أكثر من 24 ساعة على بداية الانقطاع.
أبعاد الأزمة:
بدأ الانقطاع بشكل مفاجئ في المناطق الساحلية الرئيسية بالتواهي، وهي مناطق تحتضن العديد من المنشآت الحيوية، مثل المنتزهات السياحية والفنادق والمقار الحكومية، إلى جانب مقرات المجلس الانتقالي، الذي يُعتبر التواهي من معاقله الرئيسية وكذا سكن محافظ العاصمة عدن، كما تضم المديرية منازل العديد من المسؤولين والشخصيات العامة، مما جعل الانقطاع أكثر تعقيدًا وغير متوقع.
ورغم أهمية هذه المنطقة اقتصاديًا وسياسيًا، إلا أن الانقطاع أتى دون سابق إنذار، الأمر الذي أربك الحياة اليومية للسكان وأصحاب الأعمال، وحوّل المديرية إلى ما يشبه “قرية نائية” معزولة عن بقية المناطق، في وقت يعتمد فيه الأفراد والمؤسسات بشكل كبير على خدمات الاتصالات والإنترنت لإدارة شؤونهم اليومية.
شلل اقتصادي واجتماعي:
انقطاع الاتصالات والإنترنت في مديرية التواهي لم يكن مجرد أزمة تقنية عابرة، بل تحوّل إلى كارثة اقتصادية شاملة، المحال التجارية والمكاتب الخاصة والعامة، إلى جانب المنتزهات السياحية، توقفت عن تقديم خدماتها، حيث تعتمد هذه المنشآت بشكل أساسي على التواصل مع العملاء والموردين عبر الهواتف والإنترنت، بعض المطاعم والمقاهي التي تعتمد على الطلبات الإلكترونية والدفع الإلكتروني وجدت نفسها عاجزة عن العمل، مما أدى إلى خسائر مادية فادحة خلال الساعات الأولى من الأزمة.
انقطاع مستمر ومعاناة يومية:
اللافت في الأمر أن هذه الأزمة لم تكن الأولى من نوعها، إذ يشير سكان التواهي إلى أن انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت أصبح يحدث بشكل شبه يومي، وإن لم يكن بهذه الحدة، المواطن “سالم محمود”، أحد سكان منطقة الفتح، عبر عن إحباطه قائلاً: “نحن نعيش في عزلة تامة، يوميًا نعاني من انقطاعات مستمرة، المعضلة أن الجهات المعنية لا تبالي بمطالبنا ولا تحرك ساكنًا.”
كما أشار “سالم” إلى أن الكثير من الخدمات العامة قد تأثرت أيضًا، بما في ذلك الخدمات الصحية التي تحتاج إلى التواصل مع المستشفيات والمراكز الصحية، مما زاد من تعقيد الأوضاع في المديرية.
مناشدات بلا استجابة:
على الرغم من المناشدات المستمرة التي أطلقها السكان والفعاليات التجارية إلى السلطات المحلية في المديرية والعاصمة عدن، لم تأتِ أي استجابة تُذكر حتى الآن.
العديد من السكان يتهمون المجلس الانتقالي ومحافظ العاصمة عدن بالتقصير في حل هذه الأزمة، حيث تُعد التواهي من المناطق التي يشرف عليها المجلس بشكل مباشر، ما جعلهم يتساءلون عن سبب هذا التجاهل المتعمد.
من جهة أخرى، أشار بعض النشطاء إلى أن أزمة الاتصالات ليست مجرد حادثة عرضية، بل ربما تكون جزءًا من مشكلات أعمق تعاني منها البنية التحتية للاتصالات في المدينة ككل.
“نزار محمد”، ناشط حقوقي، يرى أن هذه الأزمة تسلط الضوء على الفشل في تطوير البنية التحتية الرقمية في عدن، مؤكدًا: “الانقطاعات المتكررة في التواهي وغيرها من مناطق عدن تعكس غياب التخطيط والتطوير، مضيفًا نحن في عام 2024 وما زلنا نعاني من انقطاع الإنترنت والاتصالات بشكل غير مبرر.”
تأثير الأزمة على التعليم والخدمات الحكومية:
إلى جانب تأثيرها على القطاعات التجارية، ضربت الأزمة قطاع التعليم بقوة، الكثير من المدارس الخاصة والحكومية في التواهي تعتمد على الإنترنت في إدارة الأنشطة الدراسية والتواصل مع الطلاب وأولياء الأمور، ومع انقطاع الإنترنت، توقفت الدروس الافتراضية وعمليات التواصل مع أولياء الأمور، مما أضاف المزيد من الضغوط على الطلاب والمؤسسات التعليمية.
الحكومة المحلية في عدن، التي تدير العديد من المكاتب الحكومية في التواهي، واجهت صعوبات في إدارة العمليات اليومية بسبب هذا الانقطاع، حيث تعتمد هذه المكاتب بشكل كبير على الإنترنت لإتمام المعاملات الحكومية.
الجهات المعنية في مرمى الانتقادات:
في ظل تصاعد الأزمة، أثيرت العديد من التساؤلات حول المسؤولية الحقيقية وراء هذا الانقطاع، يعتقد الكثيرون أن الشركات المشغلة لخدمات الاتصالات والإنترنت، مثل “يمن موبايل” و”عدن نت”، تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية نتيجة ضعف البنية التحتية ونقص الصيانة.
ورغم أن انقطاع الخدمات بهذا الشكل ليس الأول من نوعه، إلا أن تكراره دون معالجة سريعة يطرح تساؤلات حول فعالية إدارة هذه الشركات ومدى قدرتها على تقديم خدمات مستقرة للمواطنين.
تداعيات صعبة:
ما زالت أزمة الاتصالات والإنترنت في مديرية التواهي مستمرة، تاركةً وراءها تداعيات اقتصادية واجتماعية صعبة، ورغم المناشدات المتكررة من السكان وأصحاب الأعمال، لم يتحرك أحد لمعالجة المشكلة، ويبقى السؤال معلقًا: متى ستتحرك الجهات المسؤولة لإعادة الحياة إلى طبيعتها في هذه المنطقة الحيوية من عدن؟
تستمر حالة الترقب والانتظار، بينما تحولت مديرية التواهي في أعين سكانها إلى “قرية نائية”، تعاني من عزلة تامة عن العالم الخارجي في ظل غياب الاتصالات والإنترنت، وهو ما يزيد من الضغوط الاقتصادية والاجتماعية على السكان، الذين يأملون في عودة قريبة للخدمات الأساسية التي يعتمدون عليها في حياتهم اليومية.