لم يكن قرار مهاجم نادي ليل الفرنسي أسامة الصحراوي بالتخلي عن جنسيته الرياضية النرويجية والانضمام لمنتخب “أسود الأطلس” أمرا مفاجئا في الأوساط الكروية المغربية، بعد استقطاب العديد من المواهب الكروية المهاجرة بأوروبا في وقت سابق.
وخلال الأسبوع الماضي، أعلن الاتحاد المغربي لكرة القدم رسميا الحصول على التأهيل القانوني من الاتحاد الدولي (فيفا) ليصبح بإمكان الصحراوي (21 عاما) تعزيز صفوف المغرب بعدما دافع عن ألوان النرويج، وخاض معه مباراة واحدة.
ويعد الصحراوي واحدا من عشرات المغاربة المولودين ببلدان أوروبا، والحاملين للجنسية المزدوجة بادئين مسيرتهم الدولية مع منتخبات الشبان، وأحيانا المنتخب الأول لبلدان الإقامة قبل أن يغيروا وجهتهم ويعودوا لحمل ألوان بلدهم الأصلي.
اختيارات رياضية أم حنين للأوطان؟
وخلال السنوات الأخيرة، برز جيل من المغاربة المولودين بأوروبا لعائلات مهاجرة بالقارة العجوز، من الذين صنعوا ربيع الكثير من الأندية في فرنسا وبلجيكا وهولندا والنرويج وألمانيا وغيرها، لكنهم كتبوا أسماءهم بأحرف ذهبية مع المنتخب المغربي قاريا وعالميا.
وتسعى عديد المنتخبات المغاربية إلى استقطاب لاعبيها ذوي الجنسية المزدوجة، لكن “أسود الأطلس” نجح في ضم لاعبين بعد أن كانوا حملوا بالفعل ألوان بلد الإقامة.
وقبل أن يحسم قراره بالدفاع عن ألوان “أسود الأطلس” لعب الصحراوي، المولود بالعاصمة أوسلو لأب وأم مغربيين، مع المنتخبات الشابة للنرويج قبل أن يخوض في سبتمبر 2023 أول مباراة مع المنتخب الأول ليساهم آنذاك في الفوز على الأردن وديا (6 ـ0).
ورفض اللاعب المنتقل حديثا إلى ليل الفرنسي العام الحالي دعوة مدرب منتخب النرويج ستال سولباكين لتعزيز صفوف المنتخب الأول في مباراة أسكتلندا ضمن دوري الأمم.
وتمنح لوائح فيفا كل لاعب حق تغيير انتمائه الدولي بعد مباراة واحدة بشرط ألا يكون قد شارك في مسابقة رسمية. وهو ما ينطبق ليس على الصحراوي وإنما أيضا على نجوم آخرين حملوا قميص “أسود الأطلس” وآخرهم إبراهيم دياز نجم ريال مدريد.
وفي مارس الماضي، وبعد أشهر من الانتظار، أصبح دياز (25 عاما) رسميا لاعبا لمنتخب “أسود الأطلس” بعد محاولات عديدة من الاتحاد الإسباني لكرة القدم لضمه لمنتخب “لاروخا”.
مشروع استقطاب متكامل
وتألق لاعبو المغرب المهاجرون بأوروبا في مونديال قطر 2022 على غرار نصير مزراوي، المنتقل حديثا لمانشستر يونايتد، وسفيان أمرابط لاعب فنربخشة التركي، وزكرياء أبو خلال لاعب تولوز الفرنسي.
كما ظهر أنس الزروري مع المنتخب المغربي في أولى مبارياته مع أسود الأطلس خلال مونديال 2022 بعد أن دافع عن ألوان بلد المنشأ بلجيكا، تماما مثل بلال الخنوس الذي لعب مع بلجيكا على امتداد الفئات السنية قبل أن يختار عام 2022 اللعب للمغرب.
من جهته، اختار أشرف حكيمي، نجم باريس سان جيرمان الحالي، الدفاع عن ألوان المغرب، رافضا في وقت سابق الدفاع عن ألوان منتخب إسبانيا بلد المنشأ.
ويعتبر نجم منتخب المغرب السابق سعيد شيبا أن اختيار نجوم الأندية الأوربية اللعب للمغرب بدلا عن منتخبات بلدان المنشأ خيارا رياضيا قبل أي شيء آخر باعتبار أن المستوى المرموق الذي بلغته الكرة المغربية أضحى يغري أكبر اللاعبين للدفاع عن ألوان “أسود الأطلس”.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال شيبا الذي شارك مع منتخب المغرب في كأس العالم 1998 “الاتحاد المغربي أرسى دعائم مشروع رائد يتمثل في استقطاب الكثير من المواهب الكروية المهاجرة بأوروبا وساعده في ذلك توفر البنية التحتية الرياضية والملاعب”.
وأضاف “من الواضح أن المناخ الاجتماعي مهم جدا في حفز اللاعبين ذوي الأصول المغربية على اللعب لأسود الأطلس لكن لا ينبغي إغفال الجانب الرياضي، فالنتائج التي حققها رجال المدرب وليد الركراكي هي التي شجعت إبراهيم دياز وأمير ريتشاردسون أو أسامة الصحراوي على تمثيل البلد الأم”.
وتألق المنتخب المغربي في مونديال 2022، وبات أول منتخب عربي وأفريقي يصل لنصف نهائي كأس العالم وذلك بعدما أقصى إسبانيا والبرتغال في ثمن وربع النهائي، قبل الخروج أمام فرنسا.
وفي الألعاب الأولمبية الماضية “باريس 2024” أصبح “أسود الأطلس” أول منتخب عربي يحرز البرونزية بعدما فاز على نظيره المصري في مباراة تحديد المركز الثالث (6 ـ1).
زر الذهاب إلى الأعلى