يراهن الملياردير الأميركي إيلون ماسك على المواهب والبيانات والأجهزة من شركاته الأخرى، لمساعدته في جعْل شركته الناشئة xAI الأقوى في مجال الذكاء الاصطناعي عالمياً بحلول ديسمبر المقبل، وفق صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وعينت xAI، حتى الآن، ما لا يقل عن 11 موظفاً عملوا في تسلا، وفقاً لموقع شركة الذكاء الاصطناعي وملفات تعريف موقع ‘لينكد إن” LinkedIn، بينهم موظفين عملوا في فريق تكنولوجيا القيادة الذاتية، والتي قال ماسك إنها محورية لمستقبل شركة السيارات الكهربائية.
واستأجرت الشركة الناشئة، رقائق كمبيوتر مهمة للذكاء الاصطناعي، تُسمى وحدات معالجة الرسومات من منصة “إكس”، وفق ما نقلته الصحيفة الأميركية عن أشخاص مطلعين على الأمر، كما طلب ماسك إعادة توجيه وحدات معالجة الرسومات التي كانت مخصصة لتسلا إلى xAI، و”إكس”.
وقد تحدَّث علناً عن البيانات المرئية التي تجمعها تسلا، والتي قال إنها يمكن أن تكون بمثابة مورد لتدريب نماذج xAI، وقال في الخريف الماضي إن المساهمين في إكس سيمتلكون 25% من xAI.
وقال ماسك في مقابلة مع عالم النفس الكندي جوردان بيترسون الشهر الماضي: “إن xAI هي شركة جديدة إلى حد ما، لذلك لدينا الكثير من العمل لنلحق برَكْب الشركات الموجودة منذ 5 أو 10 أو 20 عاماً”.
xAI وتضرر المستثمرين في تسلا
وما يقلق بعض المستثمرين هو أنه مع قيام ماسك، بتحويل القوى العاملة والأجهزة إلى تقنية xAI، فإن شركاته الأخرى لا تستفيد، بينما قال الملياردير الأميركي إن مثل هذه المشاركة تفيد المستثمرين في جميع شركاته، لكن هذه الممارسة أدّت إلى رفْع دعاوى قضائية، واستُخدمت كحجة من قِبَل المنتقدين، ضد منْح تسلا حزمة رواتب تبلغ قيمتها عشرات المليارات من الدولارات.
ورفع ما لا يقل عن 3 من المساهمين في تسلا، وهي الوحيدة المدرجة في البورصة من بين شركات ماسك، دعاوى قضائية يزعمون فيها أن تحويل الموارد إلى xAI، أضرَّ بمستثمري شركة صناعة السيارات.
ونقلت “وول ستريت جورنال” عن أستاذ القانون في “بوسطن كولدج” بريان كوين، قوله: “سيكون الأمر برمته مشكلة”، مضيفاً: “في كل مرة يتلاعب فيها بموارد أي من هذه الشركات، فإنه يتعامل مع أموال الآخرين.. لا يمكنه التعامل مع كل هذه الأصول على أنها أصوله الشخصية”.
وفي يوليو الماضي، كان ماسك يروج للتعاون المحتمل بين شركاته، إذ نشر استطلاعاً للرأي على منصة “إكس”، يسأل المستخدمين عما إذا كان يجب على تسلا استثمار 5 مليارات دولار في xAI، موضحاً أن الهدف هو اختبار الوضع لأن أي خطوة من هذا القبيل ستتطلب موافقة مجلس الإدارة والمساهمين.
وبعد أن صوّت مستخدمون بنسبة 68% لصالح هذه الخطوة، كتب ماسك: “يبدو أن الجمهور يؤيد هذه الخطوة.. سنناقش هذا مع مجلس إدارة تسلا”.
والشهر الماضي، أشار ماسك إلى أن “xAI، وتسلا، وإكس” يتطلعون إلى توظيف المواهب”، وبرر تعيين موظفين من شركاته الأخرى في xAI بأنه وسيلة لمنع المهندسين المتميزين من الذهاب إلى المنافسين.
المنافسة مع OpenAI
جدير بالذكر أن تحويل الموارد بين شركات ماسك ليس بالأمر الجديد، فلطالما استخدم موارد شركاته لمساعدة بعضها البعض، وعندما اشترى منصة “إكس” التي كانت معروفة بـ”تويتر” في عام 2022، قام بتعيين موظفين من جميع أنحاء إمبراطوريته التجارية للمساعدة في عملية التحول.
وفي شهادته أمام المحكمة، قال ماسك إن مهندسي تسلا، ساعدوا لفترة وجيزة على أساس طوعي بعد ساعات العمل، فيما قال أحد أعضاء مجلس إدارة الشركة في شهادته أمام المحكمة إن المهندسين حصلوا على أجر مقابل عملهم.
وفي الوقت نفسه، استفادت شركة xAI أيضاً من اتصالاتها بشبكة شركات ماسك، لجمع 6 مليارات دولار في الأشهر الأخيرة.
ويقول مستثمرو xAI إنهم طرحوا فكرة أن الشركة يمكن أن تستخدم البيانات من شركات ماسك الأخرى، بما في ذلك تسلا، لتدريب نماذجها اللغوية الكبيرة.
وتفتخر شركة xAI الآن بتقييم بقيمة 24 مليار دولار، وهي في المرتبة الثانية بعد OpenAI من حيث حجم الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي.
وشارك ماسك في تأسيس OpenAI في عام 2015، ولكنه ترك مجلس إدارة الشركة في عام 2018.
ومنذ إطلاقها في يوليو 2023، أصدرت xAI روبوت الدردشة Grok، وتقوم ببناء ما أسماه ماسك أكبر مركز بيانات في العالم.
ماسك وانتهاك الواجبات الائتمانية
وشعر آخرون بالقلق من التداخل بين الشركات، إذ يتهم المساهمون في تسلا الذين يقفون وراء الدعاوى القضائية الأخيرة، ماسك بانتهاك واجباته الائتمانية، من خلال نقل المواهب والموارد الأخرى إلى xAI، ويسعون للحصول على تعويضات ومطالبة المحكمة بإصدار أمر ماسك بنقل حصته في الأسهم في xAI إلى تسلا، وفي إحدى الدعاوى، يطلب المساهمون وضع حصة ماسك في شركة xAI في صندوق ائتماني.
والواجب الائتماني هو مصطلح قانوني يصف العلاقة التي يلتزم على أساسها طرف بالعمل لمصلحة طرف آخر والتصرف بأمواله أو ممتلكاته، ورعاية مصالحه مع تحمّله لمسؤولية حماية هذه الأموال والممتلكات.
وذكرت الصحيفة أن تقاسم الموارد بين الشركات ليس أمراً غير قانوني في حد ذاته، إذا تم تعويض كل كيان بشكل عادل، لكن مثل هذه الترتيبات نادرة في الشركات الكبرى، وتعتبر ممارسة محفوفة بالمخاطر لأنها تثير مخاوف من أن المالك قد يتخذ قرارات لصالح شركة ما على حساب أخرى، كما يصبح التفاوض على الصفقات وتحديد السعر أمراً محرجاً عندما يكون الرئيس التنفيذي للشركة لديه مصالح متضاربة.
ومن بين المخاوف أيضاً أن الرؤساء التنفيذيين قد يرغبون في توجيه أعمال جديدة إلى شركاتهم المتعثرة، أو دفع أسعار منخفضة بشكل غير عادل في صفقات مع شركاتهم الناجحة.
وقال أستاذ القانون في جامعة كاليفورنيا سكوت كامينجز: “القانون لا يحظر على الأشخاص تحمّل مسؤوليات ائتمانية تجاه شركات متعددة.. ما يحظره القانون هو التصرف بطرق تضر بشكل أساسي بشركة ما لصالح أخرى”.
وقد يكون لدى ماسك حرية أكبر في التعامل مع شركاته الخاصة مقارنة بـ”تسلا”، لكنه لا يزال مديناً بالفضل للمستثمرين في هذه الشركات، بما في ذلك xAI.
لكن الفرق هو أن المستثمرين في xAI أو الشركات الخاصة الأخرى التابعة لماسك، من غير المرجح أن يتخذوا أي إجراءات قانونية ضده.
ولدى كل من تسلا وxAI طموحات مميزة في مجال الذكاء الاصطناعي، ما يضع الشركات في موقف حرج أثناء تنافسها على الموارد.
وتحاول تسلا تطوير برنامج قيادة ذاتي بالكامل، وروبوت يشبه الإنسان، بالإضافة إلى بيع السيارات الكهربائية.
زر الذهاب إلى الأعلى