كشفت صور التقطت من الفضاء أن الجيش الإسرائيلي ينشئ منطقة عازلة وسط غزة، عبر تحصين ممر شقه لتقسيم القطاع إلى شطرين، فيما اعتبر “جزءا من مشروع واسع النطاق لإعادة تشكيل غزة وترسيخ الوجود العسكري الإسرائيلي فيها”.
وتظهر الصور التي حللتها صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، ممر نتساريم الذي يبلغ طوله نحو 6 كيلومترات، ويفصل مدينة غزة شمالا عن باقي القطاع.
ويعود اسم نتساريم إلى مستوطنة إسرائيلية كانت على الطريق الساحلي لغزة، ضمن مشروع أطلقه رئيس الوزراء السابق أرييل شارون لتقسيم القطاع إلى أجزاء تحت سيطرة إسرائيل، لكن الخطة لم تنفذ سوى جزئيا قبل أن يأمر شارون بالانسحاب من غزة عام 2005.
وحسب الصور، فإن القوات الإسرائيلية “تحصن الممر وتبني به قواعد وتستولي على مباني مدنية وتدمر المنازل القريبة منه”.
وكانت حركة حماس وضعت الانسحاب الإسرائيلي من ممر نتساريم مطلبا أساسيا، في مفاوضات وقف إطلاق النار التي فشلت في نهاية المطاف.
لكن حتى مع استمرار المفاوضات على مدى الشهرين الماضيين، ظلت القوات الإسرائيلية تنشئ مواقع عسكرية جديدة في الممر، آخرها 3 قواعد عمليات منذ شهر مارس الماضي، حسبما تظهر صور الأقمار الاصطناعية التي فحصتها “واشنطن بوست” وتوفر أدلة حول خطط إسرائيل.
وفي البحر، يلتقي الطريق بنقطة تفريغ كبيرة للرصيف العائم الذي تنشئه الولايات المتحدة لجلب المساعدات إلى غزة.
وتمنح السيطرة على الممر الجيش الإسرائيلي تفوقا استراتيجيا، وتسمح لقواته بالانتشار بسرعة في أنحاء القطاع، كما أنها تتيح له السيطرة على تدفق المساعدات وحركة النازحين الفلسطينيين، وهو ما تقول إنه ضروري لمنع حماس من إعادة تجميع الصفوف.
وحسب تحليل أجري في الجامعة العبرية، فقد تم تدمير ما لا يقل عن 750 مبنى فيما يبدو أنه جهد منهجي لإنشاء “منطقة عازلة” تمتد لمئات الأمتار على جانبي الطريق، فضلا عن تدمير 250 مبنى آخر في منطقة الرصيف العائم.
ورفض الجيش الإسرائيلي التعليق على هدم المباني المحيطة بالممر، قائلا إنه لا يستطيع الإجابة على الأسئلة العملياتية خلال الحرب المستمرة، حسب “واشنطن بوست”.
ويقول خبراء عسكريون إن هذه الخطوة جزء من عملية إعادة تشكيل واسعة النطاق وطويلة المدى لجغرافية غزة، تذكر بالخطط الإسرائيلية السابقة لتقسيم القطاع إلى جيوب أصغر يسهل السيطرة عليها.
وتصر إسرائيل على أنها لا تنوي إعادة احتلال غزة بشكل دائم، لكن شق الطرق وتحصينها وإنشاء المناطق العازلة في الأشهر الأخيرة، قد يشير إلى دور متزايد للجيش الإسرائيلي في القطاع بعد الحرب على ما يبدو.
ولم يصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سوى القليل من الخطط الملموسة لما يسمى “اليوم التالي للحرب في غزة”، لكنه تعهد مرارا وتكرارا بالحفاظ على السيطرة الأمنية “إلى أجل غير مسمى” على القطاع.
وبالإضافة إلى شن غارات من الخارج، قد تحتاج القوات الإسرائيلية إلى “التواجد داخل غزة” لضمان تجريد حركة حماس من السلاح، حسبما قال نتنياهو في مقابلة بوقت سابق من هذا الأسبوع.
وقال النائب السابق لقائد فرقة غزة التابعة للجيش الإسرائيلي أمير أفيفي، في حديثه لـ”واشنطن بوست”، إن “ما نحتاج إليه هو حرية العمل الكاملة بكل مكان في غزة”.
زر الذهاب إلى الأعلى