اخبــار عدناخبــار محليـةالرئيسيــة

الكوليرا… “الوقاية والعلاج” حوار مع الدكتورة ندى هائل عبدالرب

حاورها: مريم بارحمة
الكوليرا مرض خطير ومعدي اكتشفه العالم كوخ عام 1883م، وانتشرت خلال القرن التاسع عشر في جميع أنحاء العالم انطلاقًا من مستودعها الأصلي في دلتا نهر الغانج بالهند. وظهرت بعد ذلك ست جوائح من المرض حصدت أرواح الملايين من البشر عبر القارات كلها. أما الجائحة السابعة فقد اندلعت بجنوب آسيا عام 1961م ووصلت إلى أفريقيا عام 1971م ومن ثم إلى الأميركيتين في عام 1991م. وتتوطن الكوليرا الآن العديد من البلدان.
الكوليرا تصيب الإنسان سببه هو بكتيريا تسمى ضمة الكوليرا (vibrio cholerae) والتي تصيب الأمعاء الدقيقة حيث تفرز سمًا ويتسبب السم في إفراز الجسم لكميات هائلة من الماء إلى داخل الأمعاء الدقيقة مما يؤدي إلى الإسهال وفقدان سريع للسوائل والأملاح في الحالات الشديدة.
وفي الفترة الأخيرة انتشرت الكوليرا بالعاصمة عدن وبعض محافظات الجنوب بسبب طفح مياه الصرف الصحي، وشحة المياه، وانتشار الذباب، وأدت إلى وفاة عدد من المصابين وكثير من الحالات المرضية تعافت وشُفيت.
وأكد وكيل وزارة الصحة العامة والسكان بالعاصمة عدن البروفيسور الدكتور سالم حسين الشبحي أن مرض الكوليرا يمكن علاجه بسهولة من خلال الدريبات الوريدية ومحلول الإرواء الفموي وان كثير من الحالات المصابة قد تماثلت للشفاء.
وشدد د. الشبحي على عدم نشر الخوف والهلع بين أوساط المواطنين والالتزام بالنظافة الدائمة خاصة الاهتمام بغسل الأيادي.
وفي هذا الحوار الطبي التوعوي استضفنا الدكتورة ندى هائل عبدالرب، اختصاصية أمراض باطنية بالعاصمة عدن، لنسلط الأضواء أكثر على مرض الكوليرا وأسبابه، وطرق انتقاله، وعلاجه، وكيفية الوقاية منه:
-ما أسباب انتشار مرض الكوليرا وعودة ظهوره بين الحين والاخر بالعاصمة عدن ومحافظات الجنوب؟
الكوليرا عدوى حادة سببه بكتيريا تسمى ضمة الكوليرا (vibrio cholerae)
تسبّب الإسهال وتنجم عن تناول الأطعمة أو شرب المياه الملوّثة ببكتيريا ضمات الكوليرا. ولا تزال الكوليرا تشكل تهديداً عالمياً للصحة العامة، ومؤشراً على انعدام المساواة وانعدام التنمية.
والمستودعات الرئيسية لبكتيريا الكوليرا هي البشر ومصادر المياه الدافئة ذات الطعم الأُجاج إلى حد ما، مثل مصبّات الأنهار وبعض المناطق الساحلية التي ترتبط غالبا بتكاثر الطحالب. وتشير الدراسات الحديثة إلى أن تغيّر المناخ يوجد بيئة مواتية لنمو البكتيريا المسببة للكوليرا.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن ثمة صلة وثيقة بين سريان الكوليرا وبين قصور إتاحة إمدادات المياه النظيفة ومرافق الصرف الصحي.
وتشمل المناطق المعرضة للخطر:
-الأحياء الفقيرة المتاخمة للمدن حيث تنعدم فيها البنية التحتية الأساسية.
-مخيمات المشردين داخليا أو اللاجئين التي لا تستوفي أدنى المتطلبات فيما يتعلق بتوفير إمدادات المياه النظيفة ومرافق الصرف الصحي.
-المناطق التي تتعطل فيها شبكات المياه ومرافق الصرف الصحي.
أما بالنسبة لليمن والجنوب، فلعبت العوامل التالية -بالإضافة لما سبق- دورا في تفشي الكوليرا:
-الدخول الغير شرعي للاجئين الافارقة.
-تردي شبكه الصرف الصحي.
-تردي شبكة المياه حيت ان بعض المناطق لا تصل لها المياه نهائيا.
-النزوح من المحافظات الاخرى إلى العاصمة عدن.
-ما أعراض الكوليرا؟
غالبًا لا تظهر أية أعراض لدى مُعظم الأشخاص المصابين بعدوى الكوليرا.
وعندما تحدث الأعراض، يكون ذلك بعدَ يوم إلى ثلاثة أيام من التعرض للبكتيريا، وتبدأ عادة بقيء وإسهال مائي مفاجئ وغير مؤلم. لا يُعاني الأشخاصُ من الحمَّى عادةً.
وتتراوح شدّةُ الإسهال والقيء بين الخفيف إلى الشديد. في حالات العدوى الشديدة عندَ البالغين، يفقد الجسم أكثر من لتر من الماء والأملاح كل ساعة. يكون البراز غزيرًا ومائيًا ويوصف بأنه براز ماء الأرزّ. وفي غضون ساعات، قد تصبح حالة التجفاف شديدة، ممَّا يَتسبَّب في العطش الشديد، وتشنج العضلات، والضعف. ويتبوّل المريض كميات قليلة جدًا من البول. وقد تغور العينان، ويتجعّد جلد الأصابع بشكل شديد إذا لم يُعالج التجفف، فقد يؤدي فقدان الماء والأملاح إلى الفشل الكلوي، والصدمة، والغيبوبة، ثم الموت.
أمّا الأشخاص الذين يتمكنون من البقاء على قيد الحياة، فتهدأ أعراض الكوليرا لديهم في غضون 3-6 أيام. يتعافى معظمُ الأشخاص من العدوى في غضون أسبوعين. وتبقى البكتيريا موجودة لدى عدد قليل من الأشخاص إلى أجل غير مسمّى دون أن تسبب أية أعراض. ويسمّى هؤلاء الأشخاص بحاملي العدوى.
-ما طرق انتقاله والاصابة به؟ وهل معدي؟
تنتقل عدوى ضمة الكوليرا (Asiatic Cholera)عن طريق تناول المياه أو المحاريات أو غيرها من الأطعمة الملوثة ببراز الأشخاص المصابين. وبمجرد الإصابة بالعدوى، يطرح الشخص البكتيريا في برازه، وهكذا يمكن للعدوى أن تنتشرَ بسرعة، لاسيما في المناطق التي لا تعالج فيها النفايات البشرية. ومصادر المياه الملوثة هي المصدر الرئيسي لعدوى الكوليرا ، كذلك تنتقل عن طريق الذباب الذي يلوث الأطعمة.
ولكي تحدث العدوى، لا بد من انتقال عدد كبير من البكتيريا إلى الجسم. وبعدَ وصولها إلى الجسم، يتمكّن حمض المعدة من قتل أعداد كبيرة منها، ولكن قد تصل بعضُ البكتيريا إلى الأمعاء الدقيقة، حيث تنمو وتنتج الذيفان. يدفع الذيفان الأمعاء الدقيقة إلى طرح كميات هائلة من الملح والماء، ويفقد الجسمُ هذه السوائلَ بشكل إسهال مائي. تنجم الوفاة عن فقدان المياه والأملاح من الجسم. تبقى البكتيريا في الأمعاء الدقيقة، ولا تغزو الأنسجة.
-ما أكثر فئة معرضة للإصابة بمرض الكوليرا؟
بما أنّ حمض المعدة يقتل البكتيريا، فإن الأشخاصَ الذين ينتجون كميات أقل من حمض المعدة يكونون أكثر عرضة للإصابة بالكوليرا. يشمل هؤلاء الأشخاص كلً من:
1- الأطفال الصغار
2- المُسنين
3- المرضى الذين يتناولون أَدوِيَة تقلل من إنتاج الحمض المعدي، بما في ذلك مثبّطات مضخة البروتون proton pump inhibitors مثل (أوميبرازول omeprazole) وحاصرات الهستامين 2 (H2) مثل (فاموتيدين)
يكتسب الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الموبوءة بعض المناعةً تجاه هذه البكتيريا عادةً.
-ما طرق العلاج منه وهل المرض خطير وهل ممكن يسبب الوفاة؟
تستلزم الكوليرا علاجًا فوريًّا؛ حيث إن المرض قد يسبِّب الوفاة في غضون ساعات والعلاج يكون كالتالي:
1-تعويض السوائل. يكمُن الهدف في استبدال السوائل والكهارل(الأملاح والمعادن الموجودة بالجسم التي لها شحنة كهربائية) المفقودة باستخدام محلول بسيط لتعويض السوائل يُعرَف بأملاح تعويض السوائل عن طريق الفم (ORS). يتوافر محلول أملاح تعويض السوائل عن طريق الفم على هيئة مسحوق يمكن تحضيره بالماء المغلي أو المعبأ.
دون تعويض السوائل، يموت حوالي نصف الأشخاص المصابين بالكوليرا. تنخفض الوفيات إلى أقل من 1٪ بالعلاج.
2-السوائل الوريدية. يمكن مساعدة معظم الأشخاص المصابين بالكوليرا عن طريق تعويض السوائل الفموية وحده، ولكنَّ الأشخاص المُصابين بالجفاف الشديد قد يحتاجون إلى سوائل وريدية أيضًا.
3- المضادَّات الحيوية. بالرغم من كونها جزءًا غير ضروري من علاج الكوليرا، فإن بعض المضادات الحيوية يمكن أن تحد من الإسهال المرتبط بالكوليرا وتقصِّر من فترة استمراره في الأشخاص المرضى مرضًا شديدًا.
4- مكمِّلات الزنك الغذائية. أظهرت الأبحاث أن الزنك قد يحد من الإسهال ويقصِّر من فترة إصابة الأطفال بالكوليرا.
-ما أفضل الوجبات التي ممكن يستخدمها المريض المصاب بالكوليرا وماذا يمنع من تناوله؟
على المريض الإكثار من شرب السوائل. وتناول الاطعمة المطبوخة جيدًا.
وتجنب الأطعمة الآتية: الفواكه والخضروات غير المقشرة، والحليب ومنتجات الألبان غير المبسترة، واللحوم النيئة وغير المطبوخة بشكل جيد، والأسماك الملوثة.
-ما دور الحكومة في معالجة هذا المرض والحد من انتشاره؟
توفير إمدادات المياه والصرف الصحي وشروط النظافة الصحية في وحدات/ مراكز علاج الكوليرا. تقوية القدرات الوبائية والمختبرية على الترصد. إجراء دراسات وبائية (مثل المعارف والمواقف والممارسات ودراسات الحالات والشواهد) لتحديد المخاطر والثغرات. وتوفير التطعيم مع طاقم مؤهل.
-ما أساليب الوقاية من الكوليرا ؟
من أساليب الوقاية من عدوى الكوليرا:
– عدم شرب أو استعمال مياه غير مأمونة/سليمة
– غسل اليدين بالماء والصابون لمدة لا تقل عن عشرين ثانية
– طهي الطعام بشكل جيد جدا
– عدم تناول الغذاء المكشوف للحشرات والذباب
الاهتمام بنظافة المساكن وخاصة دورات المياه وأماكن القمامة
– عدم الشرب من نفس الإناء مع الآخرين
– الحفاظ على النظافة الشخصية ونظافة الأغذية
– غسل الفواكه والخضار بشكل جيد
– عدم تناول اللحوم النيئة
– تعقيم المياه المستخدمة للشرب والغسيل والطهي من خلال:
الغليان لمدة عشر دقائق والمعالجة بالكلور.
في ختام هذا الحوار الطبي المفيد والغني بالمعلومات الطبية القيمة، لا يسعنا الاان نتقدم بالشكر الجزيل للدكتورة ندى هائل عبدالرب.
مشــــاركـــة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى