اخبـار دوليـةالرئيسيــة

“الجنائية” تواجه صعوبات كبيرة بمعرفة مخبأ البشير والمطلوبين

يواجه وفد المحكمة الجنائية الدولية الذي زار بورتسودان خلال الأسبوع الثاني من مارس، صعوبات كبيرة في الحصول على معلومات حقيقية عن مكان تواجد المطلوبين لديها من المتهمين بارتكاب جرائم في دارفور وعلى رأسهم الرئيس المخلوع عمر البشير ومساعديه عبدالرحيم محمد حسين وأحمد هارون.
ومنذ العام 2009، تلاحق المحكمة الجنائية البشير وعددا من أعوانه بتهم تتعلق بارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال حرب دارفور التي اندلعت في العام 2003 واستمرت نحو 17 عاما وشهدت أعمال قتل واغتصاب وحرق ونزوح ولجوء طالت أكثر من مليوني شخص.
وأكد قانونيون ومراقبون، على صلة بالملف، أن وفد المحكمة الجنائية اتهم الحكومة السودانية بالتستر على المطلوبين وتقديم حجج واهية لتبرير عدم القبض عليهم، رغم تواجدهم في أماكن سيطرة الجيش منذ فرارهم من سجن كوبر، شرقي العاصمة الخرطوم، بعد أيام قليلة من اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل 2023.
تحت حماية الجيش
ووفقا لوكالة السودان للأنباء فقد قالت وزيرة العدل المكلفة هويدا عوض الكريم، لوفد المحكمة إن الدعم السريع عطل الأجهزة المكلفة بالقبض على المطلوبين للجنائية، لكن المعز حضرة، رئيس هيئة الاتهام في محاكمة البشير و18 آخرين من أعوانه فيما عرف بقضية انقلاب 1989، قال إن المدعي العام للمحكمة الجنائية كريم خان أبلغ محامين سودانيين أنه على علم بأن المطلوبين يتمتعون بحماية الجيش.
وأضاف حضرة لموقع سكاي نيوز عربية “الكل يعلم أن عمر البشير وأعوانه يتواجدون في أماكن سيطرة الجيش ويتحركون تحت حمايته”.
وتحيط بمسألة تسليم البشير وأعوانه تعقيدات كبيرة، حيث أكد مصدر عسكري موثوق أن الجيش يواجه ضغوط كبيرة من قبل مجموعات موالية للبشير وتسيطر على صنع القرار لحثه على عدم العودة إلى طاولة التفاوض في الوقت الحالي بسبب ما يمكن أن يواجهه الجيش من ضغوط للقبض على البشير وأعوانه.
مع اقتراب الحرب من إكمال عامها الأول، لا يزال هنالك تضارب في المعلومات حول مكان البشير وعبدالرحيم محمد حسين، في حين تشير تقارير إلى تواجد أحمد هارون في إحدى مدن شرق السودان.
وبعد أسبوع من اندلاع القتال، رشحت أنباء عن نقل البشير وحسين بمروحية عسكرية من إحدى المستشفيات إلى جهة مجهولة؛ لكن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ألمح في تصريحات صحفية عن وجوده في “مكان آمن” دون أن يحدد ذلك المكان.
ويعتقد الكثير من المراقبين أن أنصار البشير عملوا على تهريبه مستغلين حالة الفوضى العارمة التي تعيشها الخرطوم حاليا، والتي أدت إلى إخراج آلاف السجناء، بينهم عدد من مساعدي البشير الذين كانوا يحاكمون معه ولا يعرف مكان وجودهم حتى الآن.
ويرى حضرة أن حالة الغموض الحالية التي تحيط بمكان البشير تعزز الاعتقاد بتهريبه إلى خارج البلاد، ويوضح “كل شيء ممكن، كانت هنالك جهات تعمل على إجهاض محاكمته ونحن كهيئة اتهام لا نعرف شيئا عن مكان وجوده”.
وفقا للكاتبة صباح محمد الحسن فإن زيارة وفد الجنائية يأتي كأول تحرك دولي من المحكمة بعد رفض حكومة البرهان لهدنة رمضان.
وتضيف “من خلال التبرير الذي قدمته الوزيرة للوفد تبدو ملامح الزيارة واضحة أن الوفد حاصر الحكومة واتهمها بأنها تقصد وتتعمد عرقلة عمل الجنائية، الأمر الذي جعلها تتعلل بالأسباب التي ذكرتها”.
ويربط العديد من الحقوقيون بين العراقيل التي ظلت تواجهها المحكمة الجنائية طوال الأعوام الخمسة عشر الماضية، واستمرار الجرائم في دارفور. ويحذرون من التداعيات الكبيرة التي يمكن أن تترتب على إخفاء البشير.
ويقول الناشط الحقوقي الدارفوري علي حسن لموقع سكاي نيوز عربية “ضحايا الحرب في دارفور سيظلون يتابعون أي رأس خيط قد يدل على مكان وجود البشير بغض النظر عن الأوضاع الحالية التي تعيشها البلاد”.
في ظل استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية في السودان وارتكاب المزيد من الانتهاكات من طرفي القتال خلال الأشهر الماضية، يتوقع مراقبون أن يكثف المجتمع الدولي جهوده من أجل مساعدة المحكمة الجنائية على القبض على البشير وأعوانه للتأكيد على تحقيق العدالة.
وفي مقابلة أجرتها معها شبكة العالم الإذاعية الأسبوع الماضي، قالت بيث فان شاك السفيرة الأميركية المتجولة للعدالة الجنائية العالمية، إن المتهمين بارتكاب جرائم الحرب في السودان ظلوا طلقاء، وهو ما سيدفع الولايات المتحدة لتقديم المساعدة للمحكمة الجنائية من خلال توفير المعلومات وتقديم مكافآت مقابل معلومات تؤدي إلى القبض على الجناة.
وأوضحت “هناك العديد من الطرق التي يمكننا من خلالها دعم عمل المحكمة، رغم أننا لسنا عضوا فيها.. نحن لا ندخل بشكل عام في التفاصيل لحماية مسار تحقيقات المدعي العام وسرية عمل المحكمة، ولكننا قادرون على المساعدة على الجبهة الدبلوماسية ونقوم بمشاركة بعض المعلومات في محاولة لمنحهم نظرة ثاقبة حول مكان حدوث الجرائم والمسؤولين عن ارتكابها”.
حقائق وتطورات
في مارس 2009، أصدرت الدائرة التمهيدية بالمحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق الرئيس المعزول عمر البشير، بناء على اتهامات بجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب خلال فترة النزاع المسلح الذي اندلع في دارفور في 2003، بين القوات الحكومية وحركات مسلحة متمردة أودى بحياة حوالي 300 ألف شخص وشرد نحو 2.5 مليون آخرين، وفق الأمم المتحدة.
إضافة إلى عمر البشير، تضم قائمة الاتهام القائد الميليشي علي كوشيب الذي يحاكم حاليا في مقر المحكمة في لاهاي، ووزير الدفاع الأسبق عبد الرحيم محمد حسين والقيادي في حزب المؤتمر الوطني أحمد هارون.
بعد أيام من اندلاع الحرب في الخرطوم، اقتحمت مجموعة مسلحة سجني “كوبر” و”الهدى” وأخرجت نحو 7 آلاف سجين بينهم عدد من مساعدي البشير الذين كانوا يحاكمون في قضية انقلاب 1989، وأخذت معها 28 من ضباط جهاز الأمن الذين كانوا ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام في جريمة قتل المعلم أحمد الخير داخل معتقله خلال الحراك الذي أطاح بنظام البشير.
مشــــاركـــة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى