اخبــار محليـةالرئيسيــة
معاناة الموظفين مستمرة في ظل عجز وفشل حكومي متواصل
استطلاع : مريم بارحمة
تتفاقم معاناة شعب الجنوب منذ سنوات نتيجة لعجز وفشل الحكومة في توفير مقومات الحياة الاساسية والضرورية للعيش بكرامة.
ويتطلع شعب الجنوب من الحكومات المتعاقبة وضع حد للتدهور الاقتصادي والمعيشي وانهيار العملة والعمل على انقاذ ما يمكن انقاذه من مصالح الشعب الحيوية ومقتدراته وموارده وإعادة الأمل للمواطن الجنوبي البسيط في تحسين المستوى المعيشي وتوقف التدهور الاقتصادي الكارثي الذي ألحق الضرر بشعب الجنوب وخلق طبقة تحت خط الفقر من المعدمين وعلى رأسهم العمال والموظفين وطبقة أخرى من المترفين المستأثرين والمنتفعين بخيرات الجنوب وحدهم دون سواهم.
ونتيجة لهذه المعاناة التي يتضرر منها الموظفين والعمال وأوصلتهم إلى تحت خط الفقر أصدر الاتحاد العام لنقابات عمال الجنوب بيان دعا فيه كافة العمال والموظفين في المرافق والمؤسسات للاحتشاد العمالي والجماهيري والزحف إلى ساحة القصر الرئاسي بكريتر في العاصمة عدن ” معاشق”؛ لفرض الارادة العمالية والجماهيرية، وتطبيق الامر الواقع وإلزام الحكومة بواجباتها، والاستمرار بالبرنامج التصعيدي العمالي والنقابي، حتى الاستجابة لمطالبهم العادلة والمشروعة والقانونية ومنها: إلزام الحكومة بصرف الرواتب بشكل فوري ومنتظم نهاية كل شهر، وصرف العلاوات والتسويات المتفق عليها، وإعادة تشغيل مصافي عدن بشكل فوري، وإعادة الملاحة في ميناء عدن باعتبارهما أهم رافد للاقتصاد الوطني.
وإلزام الحكومة بإضافة مبلغ مئة ألف ريال يمني إلى راتب كل موظف وعامل بشكل فوري، حتى يتم هيكلة الأجور بما يتناسب مع الوضع المعيشي والاقتصادي الكارثي .
وأوضح البيان أن على الحكومة العمل بشكل فوري وتحسين الخدمات الأساسية والتي تعد من أبسط الحقوق الإنسانية من ماء وكهرباء وصحة وتعليم وصرف صحي. وإلغاء الزيادة في التعرفة الجمركية تنفيذا لحكم المحكمة الإدارية، وإلزام الحكومة بدعم السلع الغذائية.
وكذلك أكد البيان على إلزام الحكومة بتثبيت المتعاقدين وحل قضية المتقاعدين وتوفير فرص عمل للشباب، وتوفير التأمين الصحي لجميع العمال والموظفين .
وطالب بيان الاتحاد العام لنقابات عمال الجنوب، المجلس الرئاسي بإلغاء قانون رقم 6 لعام 1995م الذي بموجبه منح شاغلي الوظائف العليا في الدولة حصانة المساءلة القانونية؛ ليتم محاسبة الفاسدين.
وبدورنا نستطلع أراء الموظفين والعمال عن أسباب انهيار العملة وما تأثيرها على ارتفاع الأسعار وخاصة السلع الغذائية؟ وما دور البنك اليمني من عمليات شراء العملة الصعبة وضعف وانهيار العملة المحلية وما انعكاساتها على تأخير رواتب الموظفين؟ كذلك تدهور العملة المحلية أمام العملات الاجنبية وارتفاع الأسعار طحن الطبقة الوسطى فأصبح الشعب إما طبقة فقيرة ومعدمة أو طبقة ثرية ومترفة، فما انعكاسات ذلك على المجتمع واستقراره؟ وما أهم مطالب الموظفين والعمال من الحكومة ؟ وهل هناك دور للحكومة بتوصيل المواطن إلى هذه الحالة من التدهور المعيشي؟ وأين دور النقابات في المطالبة بحقوق الموظفين والعمال ورفع رواتبهم للعيش بكرامة وانتزاع كافة حقوقهم ؟
-وضع اقتصادي هش
البداية مع الأكاديمي د. حسين سعيد الملعسي، عضو هيئة التدريس بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة عدن، يتحدث معنا عن أسباب انهيار العملة وتأثيرها على ارتفاع الأسعار وخاصة السلع الغذائية، قائلاً:” ان مؤشر سعر صرف الريال اليمني بالعلاقة إلى العملات الأجنبية يشير إلى طبيعة الوضع الاقتصادي الهش في البلاد ويمكن القول أن الأسباب الرئيسية لانهيار سعر الصرف هي:
– الحرب والاضطرابات السياسية والأمنية وانقسام مؤسسات الحكومة.
– الازمة الاقتصادية والتي تتمثل بتعطيل التنمية والانتاج والاستثمار وانقسام الاقتصاد والسوق.
– وقف الصادرات النفطية وخسارة أكبر مورد مالي للبلد.
– تصفير رصيد الحكومة من العملات الأجنبية وشحة الموارد الخارجية من العملات الصعبة.
– ضعف تحصيل الموارد المالية من مصادرها المعروفة.
– انقسام البنك المركزي والسوق المالية وتعدد طبعات الريال وتعدد اسعار الصرف.
– عدم قدرة البنك المركزي على السيطرة على سوق الصرف .
– المضاربة في العملات بسبب تحول الصرافة إلى نشاط تجاري .
– انتهاج سياسة حرية سعر الصرف في بيئة غير مواتية.
ويُرجع د. الملعسي أسباب ارتفاع اسعار السلع في السوق إلى:
– تراجع سعر صرف الريال مقابل العملات الأجنبية والذي يؤدي مباشرة إلى ارتفاع اسعار السلع مباشرة؛ لأن السلع تقيم بالعملات الاجنبية.
– الازمات والحروب في اليمن وأوكرانيا وغزة وما يسببه من ارتفاع اسعار السلع بسبب التأثير على انتظام سلاسل الامداد والتوريد إلى البلاد.
– ارتفاع تكاليف النقل والشحن والتامين للسلع إلى الموانئ اليمنية بسبب المواجهات في البحر الاحمر.
– ضعف اعتماد البلاد على المنتجات المحلية .
– زيادة تكاليف نقل السلع من الموانئ إلى الاسواق وبروز نقاط جباية غير شرعية وغير مبررة واحتكار النقل والتقطعات وغيرها.
-غياب الاعتدال والترشيد
ويضيف الأستاذ عبدالله ناصر المركدة، مدير الإدارة السياسية لقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي محافظة شبوة، قائلا: “من الأسباب والعوامل التي أثرت في التراجع والتدهور الراهن لسعر العملة المحلية من أهمها وأبرزها نقص الاحتياطي من العملة الصعبة، والإفراط من إصدار العملة النقدية، وكذلك توقف حركة الصادرات ووجود عجز في الميزان التجاري للحكومة، جراء تهديدات الحوثيين ومنعهم لعملية تصدير النفط والغاز؛ مما أثر بدوره في عدم استقرار صرف العملة المحلية، وارتفاع الأسعار، ويؤدي ذلك إلى تخلف وتراجع القدرة الشرائية للأفراد، إضافة إلى أسباب وعوامل أخرى، منها الفساد المالي والاداري المستشري في أجهزة الحكومة ومؤسساتها، وغياب الاعتدال والترشيد في بنود الإنفاق الحكومي”.
-هيمنة الفساد وتراجع دور الحكومة
بينما الأكاديمي الدكتور حسين مثنى العاقل، عضو هيئة التدريس بجامعة لحج وعضو الجمعية الوطنية، يوضح دور البنك اليمني من عمليات شراء العملة الصعبة وضعف وانهيار العملة المحلية، وانعكاساتها على تأخير رواتب الموظفين بقوله:” إن ما يقوم به البنك المركزي في العاصمة عدن من عمليات شراء وبيع العملات الصعبة، إنما هي ظاهرة تدل وتؤكد على ممارسة الفساد المالي بكل صفاته، وتصبح سلوكاً من المتاجرة غير المشروعة بالعملة الصعبة على حساب انهيار العملة المحلية، التي للأسف تزيد معها تراجع القيمة الشرائية للمواطن الذي لم يعد مستوى دخله من الراتب متدني ولا يساوي قيمة احتياجاته الضرورية سوى لأيام معدودة”، مضيفاً:” وعندما تصل الأوضاع الاقتصادية إلى هذه المرحلة من هيمنة الفساد المالي على البنك المركزي، فأن هذا يعكس نفسه على تراجع دور الحكومة وانفلات مهمتها في حماية الشعب من مظاهر الفقر والمجاعة، وتحولها اعضائها والمعنيين بشؤون بمداخيل وعائدات أموالها إلى عصابات من السماسرة يتسابقون على العرض والطلب لتنمية مصالحهم الخاصة”.
-شبكة من المخاطر
وبدوره أ. عبدالله المركدة، يتحدث عن انعكاسات تدهور العملة المحلية أمام العملات الاجنبية وارتفاع الأسعار على المجتمع واستقراره، قائلاً:” لا شك إن مثل ذلك يؤدي على المدى القريب والبعيد إلى إنتاج ظروف وأوضاع قلقة وغير مستقرة، لابد ان تؤثر تداعياتها ونتائجها على مختلف الجوانب والمسارات المتصلة بحياة المجتمع، وبرامج الحكومة وأنشطتها، حيث من شأن أي فشل أو تدهور في الجانب الاقتصادي أن يؤدي بالضرورة إلى بروز تحديات وتهديدات في المجالات الأخرى السياسية والاجتماعية والعسكرية والأمنية، وبمرور الزمن تتداخل وتتفاعل كل هذه التحديات والتهديدات على نحو سلبي، يورث وينمي شبكة من المخاطر التي تعصف بكيان المجتمع، وتعطل قدرة الحكومة على تأدية وظائفها التقليدية والوفاء بالتزاماتها الأساسية”.
-حقوق مشروعة مسلوبة
وتتحدث الأستاذة اشراق محمد عبده حنبله، موجهة وزارية بوزارة التربية والتعليم، عن مطالب الموظفين والعمال من الحكومة قائلة: “مطالبنا حق مشروع وقانوني ومنها: إعادة هيكلة قانون الأجور والمرتبات بما يتناسب مع الأوضاع المعيشية، واطلاق العلاوات السنوية والتسويات كافة بأثر رجعي، إذ أن الراتب لا يكفي شراء ابسط متطلبات الحياة، وكذلك صرف مستحقات المتقاعدين، وتوفير الرعاية الطبية والصحية لجميع القطاعات والوزارات ومنها وزارة التربية والتعليم، وبناء مشاريع سكنية للموظفين وتوفير منازل للعيش والسكن فيها بدلا عن الإيجارات، كما وهناك مطالب بتثبيت المتعاقدين في جميع الهيئات والوزارات”.
-سياسات الحكومة غير الرشيدة
فيما تؤكد دكتورة رنا علي ابراهيم السروري، رئيس العلاقات العامة في المكتب التنفيذي لاتحاد عام نساء الجنوب، قائلة :” ازدادت أوضاع الموظفين سواء؛ بسبب سياسات الحكومة غير الرشيدة مثلاً شراء الوقود بدون عمل مناقصات؛ أدى إلى ارتفاع أسعار الوقود في فترات متقاربة وانعكس ذلك على الموظفين وعامة المواطنين؛ مما أدى إلى ارتفاع في سعر المواصلات وهذا يستهلك المرتبات والمعاشات وميزانيات الأسر، ثم جاء تأخير راتب الموظف، حيث يصل صبر الموظف إلى أربعين أو خمسة واربعين يوماً ليستلم نفس المعاش الهزيل مع زيادة في اسعار الغذاء والمواصلات، واذا حدث طارئ كالمرض أو وفاة لا قدر الله تزيد معاناة وهموم الموظف, والحلول تكمن في كبح جماح ارتفاع العملات أمام العملة المحلية، وعودة مصافي عدن للعمل والموانئ، ووضع استراتيجية أجور ومرتبات تتناسب مع المتغيرات وارتفاع الأسعار الجنوني”.
-عقاب جماعي
بينما الاستاذة جميله سعيد الجمحي، رئيس النقابة العامة للخدمات الادارية والاجتماعية، تتحدث عن دور للحكومة بتوصيل المواطن إلى هذه الحالة من التدهور المعيشي، بقولها:” بالتأكيد للحكومة الدور الأساسي والرئيسي في توصيل المواطن الجنوبي إلى مرحلة الفقر المدقع والعوز الشديد من ارتفاع العملة وعدم تفعيل المرافق الحكومية الانتاجية ذات المردود المالي مثل المصافي والموانئ، وتشجيع الفساد في معظم مرافق الحكومية وعدم محاسبة الفاسدين، وعدم تفعيل الرقابة والمحاسبة، فالحكومة تمارس العقاب الجماعي للمواطن الجنوبي؛ لأنه تحرر من الاستعباد وتجره إلى استعباد من اخر ألا وهو الجوع”.
-ثورة عارمة
بينما الأستاذ لطف سالم صالح البان، الأمين العام للنقابة العامة للمعلمين والتربويين الجنوبيين، يوضح دور النقابات في المطالبة بحقوق الموظفين ورفع رواتبهم للعيش بكرامة وانتزاع كافة حقوقهم قائلاً:” صراحة الأوضاع المعيشية للموظفين ومن ضمنهم المعلمين والتربويين الجنوبيين وصلت إلى مستوى ما تحت الفقر وهذا يرجع بالدرجة الأساسية للحكومات المتعاقبة منذ 1994م التي مارست السياسة الممنهجة لتدمير كل مقومات الحياة لشعب الجنوب في كل المجالات”، مضيفاً:” أما من ناحية ماذا عملت النقابات للدفاع عن حقوق الموظفين ومن ضمنهم المعلمين، لقد عملت النقابات دور كبير للدفاع عن حقوق الموظفين والمعلمين، وطالبت بحقوقهم من علاوات وتسويات وبهيكل أجور جديد يتناسب مع الوضع المعيشي الحالي للموظفين والمعلمين وهي مستمرة في هذا النضال والذي يتمثل بالتظاهرات والاعتصامات والبيانات، ولكن تنصدم مع تلك الحكومات المتعاقبة التي همها الوحيد العبث والفساد وتوزيع مقدرات وخيرات البلاد على نفسها وجماعات الفساد هذا من جانب، ومن جانب أخر أن التحالف العربي منذ حرب 2015م وهو الذي يُعين هذه الحكومات التي يرتكز حقدها الدفين على شعبنا الجنوبي وتمارس سياسة الفساد؛ لأن المخرج يسعى بكل الطرق ان تبقى الأمور غير مستقرة ومعلقة من حيث:
-عدم استقرار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية ( الدولار الأمريكي والريال السعودي).
– تأخير صرف رواتب الموظفين والمعلمين إلى ما بعد خمسين يوم.
– خلق وضع خدماتي سيء (لا كهرباء ولا ماء).
وأمام هذه الأوضاع السيئة والمفتعلة والمستمرة في عبثيتها تجد النقابات أن تحشد كل قواها مع الجماهير لثورة عارمة لأجل إسقاط الحكومة وطردها ومن له علاقة”.