الرئيسيــةتقـــارير

طريق رأس الرجاء الصالح.. هل أعاد الحوثي العالم إلى الوراء؟!

تقرير – جلال السعيدي
طريق رأس الرجاء الصالح.. هو طريق بحري، يربط بين آسيا وأفريقيا عبر الدوران حول أفريقيا، وكانت تمر به السفن التجارية المتوجهة من وإلى آسيا، قبل حفر ممر قناة السويس.
عرف البحارة العرب والصينيون والهنود هذا الطريق البحري قديما، ولكن أول من سماه الرأس ووصف جغرافيته كان المستكشف البرتغالي بارثولوميو دياز في الخامس من يونيو / حزيران من عام 1488.
وقد سمى هذا الرأس برأس العواصف لكثرة العواصف التي واجهته هناك..
أما من أطلق اسم رأس الرجاء الصالح هو ملك البرتغال جون الثاني، وذلك للتعبير عن ابتهاجه باكتشاف طريق بحري إلى الهند، يغني أوروبا عن سلوك طريق القوافل البرية المعرض للخطر.
اكتشاف هذا الطريق من أهم أسباب انهيار الدولة المملوكية لأنه حول حركة التجارة العالمية إليه بدلاً من مرورها بدول القلب مما سمي العالم القديم.
وقد ساعد الرحالة العربي المسلم ابن ماجد فاسكو دي غاما في مسيره حتى بلوغ هذا الرأس وتجاوزه، وأمده بالخرائط التي وضعها المستكشفون والرحالة والعلماء المسلمون من أيام الفتوحات الإسلامية.
تمت إعادة تسميته لاحقاً إلى Good Hope لجذب المزيد من الأشخاص إلى طريق بحر كيب الذي يمر بالساحل الجنوبي لأفريقيا.
وقد أصبحت كيب في النهاية ميناءً هاما ونقطة طريق للبحارة المسافرين من أوروبا إلى آسيا.
ما هو الرأس ؟
الرأس هو رأس يبرز في جسم مائي كبير مثل البحار أو المحيطات أو الأنهار. وهي تمثل تغييرا في تضاريس الخط الساحلي وتكون عرضة لحركات المد والجزر، وخاصة التآكل. لديهم عمر جيولوجي قصير وتتشكل من خلال عمليات مختلفة. كما أن بعضها أجزاء من جزر بينما البعض الآخر جزء من كتل أرضية مثل رأس الرجاء الصالح في جنوب إفريقيا. يرسم الجغرافيون أوجه التشابه بين شبه الجزيرة والرؤوس. لكن الأخيرة أصغر حجمًا وأضيق عادةً.
شبه الجزيرة ضخمة وليست بالضرورة مرتبطة بالبر الرئيسي. يمكن أن يؤدي دوران التيارات المحيطية وتدفق الأنهار وتآكل السواحل وذوبان الأنهار الجليدية إلى تكوين الرأس عن طريق ترسيب الرمال والرواسب.
وعلى مدى ملايين السنين، تشكل الطبقات المترسبة أشكالًا مدببة، تعرف اليوم برأس الراجاء الصالح.
أين يقع رأس الرجاء الصالح؟
يقع رأس الرجاء الصالح في الطرف الجنوبي لشبه جزيرة كيب التابعة لجنوب أفريقيا، والتي تعد أيضا موطنا لكيب تاون، العاصمة التشريعية لبلاد الراحل نيلسون مانديلا.
لقد كان الطريق البحري الشهير ذا أهمية كبيرة للتجارة والسفر، والاستكشاف والحروب والحملات العسكرية في سالف العصر ..
وعلى الرغم من اهمية هذا الطريق، لكن يمكن أن تكون المياه القريبة من كيب، حيث يلتقي المحيط الأطلسي بالمحيط الهندي، خطيرة بالنسبة للسفن..
مقبرة السفن
فوق سطح المياه تنجم أنماط الرياح العرضية والطولية على خليج (فولس باي) عن الرياح القوية التي تهب على طول ساحل جنوب إفريقيا.
تهب الرياح في اتجاهات مختلفة اعتمادا على الوقت من العام: خلال فصل الصيف (سبتمبر إلى مارس)، تهب الرياح من الجنوب الشرقي؛ وفي الشتاء (من مايو إلى سبتمبر) تهب من الشمال الغربي. تميل الرياح الشتوية إلى جلب الرطوبة والجبهات الباردة والطقس العاصف من المحيط الأطلسي.
وعن سبب تسمية طريق رأس الرجاء الصالح بـ«مقبرة السفن»، فيرجع هذا إلى غرق الكثير من السفن على مدار تاريخه، إذ أنه في الفترة بين العام 1682 إلى عام 1992 واجهت 120 سفينة على الأقل «الهلاك» أثناء عبورها خلاله، ومن أشهر السفن التي غرقت بـ مقبرة السفن هي «لوسيتانيا» التي كانت تُلقب بـ«فخر البرتغال»، والتي انقلبت عند عودتها إلى لشبونة، بعد أن استخدم قبطان السفينة المنارة كدليل للعودة إلى الوطن ومع ذلك، تسببت الظروف الجوية السيئة والسحب المنخفضة المعلقة في مشاكل في الرؤية.
وانزلقت «لوسيتانيا» بعد يومين من محاولات النجاة، وتقع الآن على عمق 37 مترًا تحت مستوى سطح البحر.
أهمية طريق الرجاء الصالح
كان رأس الرجاء الصالح ذا أهمية كبيرة بالنسبة للمستكشفين الأوروبيين لأنه يمثل علامة فارقة في جهودهم لإيجاد طريق بحري إلى الشرق.
وقبل اكتشافه، كان على التجار الأوروبيين السفر براً أو عبر الشرق الأوسط للوصول إلى السلع الثمينة في آسيا.
وقد فتح اكتشاف الطريق البحري حول رأس الرجاء الصالح من قبل المستكشف البرتغالي بارتولوميو دياز في عام 1488، إمكانية التجارة المباشرة مع آسيا، مما أدى إلى زيادة الاستكشاف الأوروبي والاستعمار في نهاية المطاف لمناطق جديدة.
كان للإبحار حول رأس الرجاء الصالح، الواقع في الطرف الجنوبي لأفريقيا، أهمية تاريخية لأنه سمح للبحارة الأوروبيين بإنشاء طريق بحري إلى الشرق، وخاصة إلى الهند وأجزاء أخرى من آسيا.
وقد تم البحث عن هذا الطريق كبديل لـ”طريق الحرير البري”، الذي كانت تسيطر عليه إمبراطوريات مختلفة وكان في كثير من الأحيان عرضة لعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي.
فتحت الملاحة الناجحة حول رأس الرجاء الصالح التي قام بها المستكشف البرتغالي بارتولوميو دياز عام 1488، فرصا جديدة للتجارة والاستكشاف، وساهمت في نهاية المطاف في عصر الاستكشاف وتوسيع النفوذ الأوروبي حول العالم.
رأس الرجاء الصالح، يشكل الآن بوابة شحن مهمة لجنوب أفريقيا، ويعد علامة بارزة للسفن المبحرة إلى شرق آسيا وأستراليا.
تقع بالقرب من كيب عدد قليل من موانئ جنوب أفريقيا، وأكبرها ميناء كيب تاون. يقع ميناء كيب تاون في خليج تيبل، على بعد أميال قليلة من رأس الرجاء الصالح، ويضم أربعة أحواض و34 مرفقًا للرسو، وتتعامل أرصفة Duncan وSchoeman مع ناقلات البضائع التجارية، كما توجد أرصفة خاصة في حوضي فيكتوريا وألفريد، وهي محمية بحاجزين رئيسيين للأمواج.
قناة السويس
وفر افتتاح قناة السويس المصرية في عام 1869، طريقا أقصر بكثير من البحر الأبيض المتوسط إلى المحيط الهندي، مما جعل الرحلة الطويلة حول أفريقيا غير فعالة.
وتعتبر قناة السويس أقصر طريق يربط بين الشرق والغرب وذلك بسبب موقعها الجغرافي الفريد وهي قناة ملاحية عالمية هامة تصل بين البحر المتوسط عند بورسعيد والبحر الأحمر عند السويس ويصبغ عليها هذا الموقع الفريد طابعا من الأهمية الخاصة للعالم ولمصر كذلك .
حيث تتعاظم أهمية القناة بقدر تطور وتنامي النقل البحري والتجارة العالمية؛ حيث يعد النقل البحري أرخص وسائل النقل ولذلك يتم نقل ما يزيد عن 80% من حجم التجارة العالمية عبر الطرق والقنوات البحرية ( التجارة المنقولة بحرا).
إلى جانب توفير الوقت والمسافة هو ما تحققه القناة وبالتالي وفر فى تكاليف تشغيل السفن العابرة لها يؤكد ما لهذه القناة من أهمية.
أما طريق القناة فإنه يحقق وفورات في المسافة بين موانئ الشمال والجنوب من القناة ، الأمر الذي يترجم كوفر في الوقت واستهلاك الوقود وتكاليف تشغيل السفن بكل انواعها.
تجربة جديدة
في العام 2020 اجتاح العالم وباء كورونا الذي تسبب بنكسات كبيرة وغير متوقعة للاقتصاد العالمي، وانخفض مع الجائحة سعر برميل البترول، “ما جعل تكلفة الرحلة عبر الطرق الأطول أقل كثيرا، من تكلفة مرورها عبر “قناة السويس”، فأصبحت شركات النقل على استعداد لتحمل الزيادة في ثمن الوقود المستهلك في الرحلة، مقابل التأخر في مواعيد التسليم”.
ووفقا لدراسة جديدة أجرتها شركة “ألفا لاينر”، وهي شركة متخصصة في الملاحة البحرية وعبور السفن، “فقد ارتفع عدد الحاويات، التي اختارت استخدام طريق رأس الرجاء الصالح وتجاوز قناة السويس، إلى أعلى مستوى تاريخي في وقت السلم، بما في ذلك 20 رحلة على الأقل من وإلى آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية” في عام 2020.
تختار بعض السفن أن تستهلك مزيدا من الوقود الرخيص في رحلات أطول، بدلا من دفع رسوم كبيرة لعبور قناة السويس المكلفة..
ويقول تحالف CMA-CGM الملاحي الدولي إن طريق رأس الرجاء الصالح، رغم أنه أطول بنحو ثلاثة آلاف ميل بحري وتزيد تكلفة بعض الرحلات به إلى ما يصل إلى 200 ألف دولار، إلا أن رسوم عبور قناة السويس لا تزال تتراوح ما بين 400 ألف إلى 500 ألف دولار.
ويضيف التحالف أن أمورا مثل تراجع أسعار النفط، الذي تستهلكه السفن، وغلق بعض الموانئ وتراجع الطلب الأوروبي، جعلت الوقت ليس عاملا رئيسيا لحسم اختيار الطريق البحري، بل النظر إلى التكلفة.
فأصبحت المعادلة هي تكلفة المرور في مقابل تكلفة الوقود المستخدم في الرحلة.
ويتحكم التحالفان الملاحيان CMA-CGM و 2M في أكثر من ربع حركة التجارة الدولية، بحسب تقارير عدة.
وتختلف رسوم قناة السويس وفقًا لحجم السفينة ومسارها، وعدد الحاويات المنقولة ونسبة الصناديق المحملة، وفق تقرير نشرته BBC في 12 مايو/ أيار 2020م.
العودة إلى رأس الرجاء الصالح
مؤخراً، أعلنت عدد من الشركات الكبرى أن جميع سفنها ستعبر البحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح، بسبب هجمات ميليشيات الحوثي على السفن التجارية المرتبطة بإسرائيل والتي تبحر في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وهو الأمر الذي يعني عودة الحياة لطريق التجارة حول القارة السمراء.
قررت (وليس فلينيوس) إعادة توجيه جميع السفن المقرر أن تعبر البحر الأحمر، كما قالت شركة ميرسك، الثلاثاء إن سفنها التي توقفت في السابق وكان من المقرر أن تبحر عبر جنوب البحر الأحمر، سيتم تغيير مسارها لتدور حول إفريقيا عبر رأس الرجاء الصالح.
ويرتبط البحر الأحمر بالبحر المتوسط عن طريق قناة السويس، التي تشكل أقصر طريق ملاحي بين أوروبا وآسيا. ويمر نحو 12 في المئة من حركة الشحن العالمية عبر القناة.
وقالت شركات شحن كبرى، منها هاباج لويد وإم.إس.سي وميرسك، وشركة النفط الكبرى بي.بي ومجموعة ناقلات النفط (فرونت لاين) إنها ستتجنب طريق البحر الأحمر وستغير مسار رحلاتها عبر رأس الرجاء الصالح الذي يمر بالجزء الجنوبي من إفريقيا.
وأوقفت شركة ميرسك الدنماركية يوم الجمعة عبور جميع شحنات الحاويات من البحر الأحمر بعد «حادث وشيك» تعرضت له سفينتها (ميرسك جبل طارق) يوم الخميس. وأظهرت بيانات (إل.إس.إي.جي) أن عدداً من السفن الراسية في البحر الأحمر تابعة لشركة ميرسك.
وقالت الشركة، الثلاثاء إن السفن التي أوقفت رحلاتها في وقت سابق وكان من المقرر أن تبحر عبر جنوب البحر الأحمر، تفكر جديا بـ “العودة إلى طريق رأس الرجاء الصالح”.
المصدر: قنا24
مشــــاركـــة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى