تسببت الهجمات المتصاعدة التي تشنها جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران على السفن في البحر الأحمر في عرقلة التجارة البحرية ودفع الولايات المتحدة لبذل جهود لتشكيل تحالف للتعامل مع هذا التهديد.
وحولت شركات الشحن العالمية الكبرى مسارات سفنها إلى طريق رأس الرجاء الصالح لتجنب قناة السويس بسبب تهديد الحوثيين.
ووسعت سوق التأمين البحري في لندن مساحة المنطقة التي اعتبرتها عالية المخاطر في البحر الأحمر، مما رفع أقساط التأمين التي تدفعها السفن.
وأظهرت هجمات البحر الأحمر قدرة القوات شبه العسكرية في الشرق الأوسط المدعومة من إيران على زعزعة التجارة العالمية.
وقال ألبرت جان سوارت، المحلل لدى إيه.بي.إن أمرو، لرويترز إن الشركات التي حولت مسار سفنها تسيطر مجتمعة “على نحو نصف سوق شحن الحاويات في العالم”.
وأضاف “تجنب البحر الأحمر سيؤدي إلى ارتفاع التكلفة بسبب طول وقت السفر”.
تهديد خطير للتجارة الدولية
بدأت العديد من شركات الشحن الكبرى، بما في ذلك شركة البحر المتوسط للشحن (إم.إس.سي)، في الإبحار حول أفريقيا وهو ما سيؤدي بحسب محللين في القطاع إلى زيادة التكاليف والتأخيرات التي من المتوقع أن تتفاقم خلال الأسابيع المقبلة.
علقت شركة النفط البريطانية العملاقة بريتش بتروليوم مؤقتا جميع عمليات العبور لشحناتها عبر البحر الأحمر في علامة على أن الأزمة، التي أثرت في الغالب على شحن البضائع حتى الآن، قد تتسع لتشمل شحنات الطاقة. وارتفعت أسعار النفط الخام وسط هذه المخاوف.
قالت شركة النفط والغاز النرويجية (إكوينور) إنها أعادت توجيه “بضع سفن” تحمل النفط الخام والغاز البترولي المسال بعيدا عن البحر الأحمر. ورفضت الشركة الإفصاح عن عدد هذه السفن.
قالت شركة ناقلات النفط البلجيكية (يوروناف) إنها تتجنب البحر الأحمر حتى إشعار آخر.
أجبرت هجمات الحوثيين الشركات كذلك على إعادة التفكير في علاقاتها مع إسرائيل، إذ قالت شركة إيفر جرين التايوانية الاثنين إنها قررت التوقف مؤقتا عن قبول شحنات إسرائيلية.
قالت مجموعة دانون الفرنسية للأغذية إن معظم شحناتها تم تحويل مسارها، مما سيزيد المدى الزمني لوصولها. وقال متحدث باسم دانون “لدينا خطط تخفيف سيتم تفعيلها إذا استمر الوضع على المدى المتوسط إلى الطويل… سيتضمن ذلك استخدام مسارات بديلة عبر البحر أو البر حيثما أمكن ذلك”.
ويشير بعض المراقبين إلى أنه على الرغم من ادعاء جماعة الحوثي أنها لا تصيب سوى السفن المرتبطة بإسرائيل، فإن أهدافها تشمل السفن غير المتجهة إلى إسرائيل أو المنتسبة لها.
وقال جاك كينيدي من جلوبال ماركت إنتلجنس “من المحتمل أن يستخدم الحوثيون، وبالتالي داعمهم العسكري الرئيسي إيران، قدرتهم الضاربة في البحر الأحمر لممارسة مزيد من النفوذ الجيوسياسي في المنطقة إضافة إلى التأثير على حرب إسرائيل في غزة”.
تأخيرات وارتفاع أسعار
يقول محللون إن الآثار تشمل شحنات أبطأ بكثير وربما أسعارا أعلى للمستهلكين.
قال ريكو لومان المحلل لدى آي.إن.جي إن عمليات تغيير مسار السفن تضيف أسبوعا على الأقل من وقت الإبحار لسفن الحاويات. وعادة ما يستغرق شحن البضائع من شنغهاي إلى روتردام نحو 27 يوما عبر قناة السويس.
وأضاف لومان “سيؤدي ذلك على الأقل إلى تأخيرات في أواخر ديسمبر مع تأثيرات غير مباشرة في يناير، وربما فبراير، حيث سيتم تأجيل الجولة التالية أيضا”.
وقال ماركو فورجيوني المدير العام لمعهد التصدير والتجارة الدولية إن الاضطرابات ستؤثر على الأرجح على المعروض من السلع الاستهلاكية قبل العام الصيني الجديد على وجه الخصوص، مع التأخير الذي يترك تجار التجزئة بمخزون غير قابل للبيع ويؤدي في النهاية إلى ارتفاع الأسعار للمستهلكين.
وقال تسفي شرايبر الرئيس التنفيذي لمنصة الشحن العالمية فرايتوس إنه في حين أن أسعار الشحن سترتفع على الأرجح في هذه الرحلات الأطول أيضا، فإن شركات النقل في الوقت الحالي تبحث عن طرق لاستخدام السعة الزائدة.
وأضاف شرايبر “من غير المرجح أن ترتفع الأسعار للمستويات التي شهدتها خلال الجائحة”، في إشارة إلى الآثار الاقتصادية لكوفيد 19 اعتبارا من عام 2020.
زر الذهاب إلى الأعلى