ضربت عاصفة ثلجية شديدة كلا من أوكرانيا وروسيا، ليطلق عليها اسم «عاصفة القرن»، وصاحبت العاصفة رياح وأمواج عاتية، لتسبب العديد من الجرحى وانقطاع التيار الكهربائي عن حوالي مليوني شخص.
العاصفة الشديدة في منطقة البحر الأسود، عطلت ما يصل إلى مليوني برميل يوميًا من صادرات النفط من كازاخستان وروسيا، ووفقًا لمسؤولين حكوميين وبيانات ملاحية، تزامن ذلك مع استمرار ضربات قوية وجهتها روسيا صوب مراكز الطاقة في أوكرانيا مع قرب حلول فصل الشتاء.
في ليلة 25 نوفمبر، شنت روسيا ضربة واسعة النطاق باستخدام المسيرات على الأراضي الأوكرانية، كانت معظم الضربات في كييف وضواحيها؛ وذكر الجانب الأوكراني، أن الغارة كانت الأكثر ضخامة من حيث عدد الطائرات دون طيار (75 درونز)، فيما أفاد الجيش الأوكراني، أنهم أسقطوا كل ما أطلقته روسيا تقريبا. هذا القصف أدى إلى انقطاع الكهرباء عن 77 مبنى سكنيًا و120 مؤسسة دون كهرباء.
حاولت أوكرانيا أن ترد بنفس الطريقة؛ ففي ليلة الأحد 26 نوفمبر، تم أيضًا إطلاق عدد كبير من الطائرات المسيرة، تم تحييد هذه الطائرات في مقاطعات كالوغا وسمالينسك وبريانسك، واصطدمت إحدى الطائرات دون طيار بمبنى شاهق في مدينة تولا، وتم إسقاط 5 طائرات مسيرات في ريف موسكو، وبعضها الآخر في شبه جزيرة القرم.
في سياق متصل، أعلنت، وزارة الدفاع الروسية، الأربعاء، أن فرقاطة تابعة لأسطول البحر الأسود شنت هجومًا بأربعة صواريخ كروز على البنية التحتية العسكرية في أوكرانيا، باحثان تحدثا لـ”سكاي نيوز عربية”، حول توقيت ومغزى استهداف روسيا محطات الطاقة في أوكرانيا.
حيلة روسية
في السياق، يقول نعومكن بورفات المتخصص بالسياسية الدولية بجامعة تافريسكي الأوكرانية، إن موسكو تستخدم حيلة الطاقة لإجبار كييف على التراجع بالأخص من الجبهة الجنوبية وشرقًا حول باخموت.
ويُضيف نعومكن بورفات، خلال تصريحاته لموقع “سكاي نيوز عربية”، موسكو تتبع استراتيجية أن الشتاء هو أفضل وقت لإلحاق أضرار استراتيجية بالخطوط الخلفية للخصم، وبالطبع، بدأت هذه العملية بالفعل.
واستعرض نعومكن بورفات، خسائر كييف من استهداف روسيا مراكز الطاقة الأوكرانية في المرحلة المقبلة مع حلول الشتاء القارس.
في حالة القضاء على إمدادات الطاقة الكهربائية فسيتم إبطاء عمل الجزء الخلفي، وستنخفض فعالية جميع العمليات العسكرية الأوكرانية بمقدار مرتين إلى ثلاث مرات.
سيؤدي تدمير البنى الطاقية إلى إبطاء في عمليات الاستدعاء والتجنيد وعمل شعب التجنيد، وهذا يعني تقليل عدد الجنود الأوكرانيين في الجبهات.
تدرك موسكو أن قوة أي جيش في خطوطه الخلفية، لذلك تسارع في كسر إرادة القيادة الأوكرانية بإنهاك البنى التحتية ضمن سيناريوهات إنهاء الحرب.
تدمير محطات الطاقة والتحويل الفرعية وقصف منشآت احتياطية للوقود ومواد التشحيم لقاطرات الديزل والنقل البري يشل بقايا الاقتصاد الأوكراني ويقلل تأثير الإمدادات الغربية على طول خط الجبهة القتالية.
وتؤكد إحصاءات أن النظام الطاقي الأوكراني مصمم لتغذية دولة متقدمة صناعيًا وعدد سكانها 50 مليون نسمة، وحاليًا، يوجد في أوكرانيا ما بين 28 و34 مليون شخص فقط.
حرب مدمرة
يرى الباحث التركي المتخصص في الشأن الدولي، فراس رضوان أوغلو، أنه في ظل الصراع “الشرس” الذي تخوضه روسيا ضد دول بحلف شمال الأطلسي (الناتو) بقيادة الولايات المتحدة في أوكرانيا، بات من المؤكد أن الجانب الروسي يستخدم كل الأسلحة المتاحة لديه في المعركة وصار كل هدف أوكراني مباح، كما أن الاستراتيجية العسكرية الروسية في معركة أوكرانيا من بينها ضرب محطات الطاقة والكهرباء، ورغم ذلك لم يمنع روسيا طوال ما يقرب من عامين أن تقوم بتوريد الغاز الروسي إلى الدول الأوروبية التي تناصب العداء لموسكو وتقوم بإمداد كييف بالأسلحة والذخائر والعتاد.
وأضاف فراس رضوان أوغلو، في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن دولة مثل التشيك عضو بحلف الناتو، طلبت تزويدها بالغاز الروسي وتمت الموافقة من موسكو؛ وبالتالي فحكومة كييف ربما دمرت أوكرانيا كدولة بانجرارها وراء مغامرة عسكرية غير مأمونة العواقب ضد جيش قوي يملك ترسانة أسلحة فتاكة تعد من بين الأقوى عالميًا.
وكشف أوغلو، أن تورط أوكرانيا في الحرب يكشف عن مجاملتها أميركا بخوض حرب ضد روسيا، وهي من تدفع الثمن الآن، بعدما خاضت مغامرة عسكرية، والهدف كان تلبية رغبات واشنطن في تقزيم دور موسكو ومحاصرة طموحات روسيا في المنطقة الشمالية من العالم وضمان السيطرة لدول الناتو على حدود روسيا.
واستعرض الباحث فراس أوغلو، أهمية وتوقيت ضرب روسيا محطات الطاقة لأوكرانيا:
تجيد القيادة الروسية اختيار توقيت متقن للضربات صوب محطات الطاقة الأوكرانية في ظل دخول فصل الشتاء.
تعد أزمة الطاقة الأشد ضراوةً التي تعيشها القارة الأوروبية منذ عقود وضرب محطات الطاقة الأوكرانية وحصار أفدييفكا التي تحتوي أكبر مصانع فحم الكوك في القارة الأوروبية يشكل نقطة قوة لروسيا ضد أعدائها.
روسيا تدرك أن تأثيرها على أوكرانيا بسلاح الغاز مشروع ويأتي لإجبار حكومة كييف على اللجوء لطاولة المفاوضات بشروط موسكو.
هدف الرئيس بوتين الأساسي هو تلبية الضمانات الروسية التي طلبتها من أوكرانيا ودول الغرب وسلاح الطاقة “ورقة ضغط”.
ستستمر موسكو في ضرباتها الموجهة للبنى التحتية والطاقة الأوكرانية ككارت إجبار على الإذعان للشروط الروسية.
وتؤكد تقارير، أن الحكومة الأوكرانية التي خاضت الحرب لاستنزاف روسيا عسكريًا لصالح أطراف غربية بقيادة أميركا باتت رهانا خاسرا مع فشل الهجوم المضاد، كما بات نظام الرئيس، فولوديمير زيلينسكي، مسؤولًا بشكل كامل عن ثمار الحرب المدمرة ضد روسيا، وسط سيطرة الأخيرة على أراضي واسعة من أوكرانيا ومقتل عشرات الآلاف وجرح أضعافهم وتدمير أغلب مرافق وبنى الدولة في ظل صراع مستمر لقرابة العامين.
زر الذهاب إلى الأعلى