أتاحت التطورات التكنولوجية الحديثة فرصا لا تقدر بثمن لمساعدة أولئك الذين يعانون من إعاقات، مثل إنشاء أدوات لدعم إعادة التأهيل البدني، وتقديم المساعدة اليومية في مهام محددة.
وطور الباحثون في “ميتا” مؤخرا طريقة واعدة وغير جراحية لفك تشفير الكلام من نشاط الدماغ، ما قد يسمح لأولئك الغير قادرين على التحدث بنقل أفكارهم عبر واجهة الكمبيوتر. وتدمج طريقتهم المقترحة، المقدمة في مجلة Nature Machine Intelligence، بين استخدام تقنية التصوير والتعلم الآلي.
وقال جان ريمي كينغ، عالم الأبحاث في Meta AI: “بعد السكتة الدماغية، أو مرض الدماغ، يفقد العديد من المرضى قدرتهم على الكلام. وفي العامين الماضيين، تم تحقيق تقدم كبير في تطوير أعضاء اصطناعية عصبية: جهاز يُزرع عادة في القشرة الحركية للمرضى، ويمكن استخدامه، من خلال الذكاء الاصطناعي للتحكم في واجهة الكمبيوتر. ومع ذلك، هذا الاحتمال ما يزال يتطلب إجراء عملية جراحية في الدماغ، وبالتالي لا يخلو من المخاطر”.
وبالإضافة إلى الحاجة إلى إجراءات جراحية، تعتمد معظم الأساليب المقترحة لفك تشفير الكلام على الأقطاب الكهربائية المزروعة، ويعد ضمان الأداء الصحيح لهذه الأقطاب الكهربائية لأكثر من بضعة أشهر أمرا صعبا.
وكان الهدف الرئيسي للدراسة الأخيرة التي أجراها كينغ وزملاؤه هو استكشاف طريقة بديلة غير جراحية لفك تشفير تمثيلات الكلام.
وأوضح كينغ: “بدلا من استخدام الأقطاب الكهربائية داخل الجمجمة، نستخدم تخطيط الدماغ المغناطيسي. وهذه تقنية تصوير تعتمد على جهاز غير جراحي يمكنه التقاط أكثر من ألف لقطة لنشاط الدماغ في الثانية. ونظرا لصعوبة تفسير إشارات الدماغ هذه، فإننا ندرب نظام الذكاء الاصطناعي لفك تشفيرها إلى أجزاء من الكلام”.
وفي الأساس، قام كينغ وزملاؤه بتطوير نظام ذكاء اصطناعي ودربوه على تحليل صور تخطيط الدماغ المغناطيسي، والتنبؤ بالكلام من خلال نشاط الدماغ المسجل فيها.
ويتكون نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بهم من وحدتين رئيسيتين، يطلق عليهما اسم “وحدة الدماغ” و”وحدة الكلام”.
وتم تدريب وحدة الدماغ على استخلاص المعلومات من نشاط الدماغ البشري المسجل باستخدام تخطيط الدماغ المغناطيسي. ومن ناحية أخرى، تحدد وحدة الكلام تمثيلات الكلام التي سيتم فك تشفيرها.
وقام الفريق بتقييم نهجهم المقترح في دراسة أولية شملت 175 مشاركا بشريا. وطُلب من هؤلاء المشاركين الاستماع إلى قصص قصيرة مروية وجمل منطوقة معزولة بينما تم تسجيل نشاط أدمغتهم باستخدام تخطيط الدماغ المغناطيسي، أو تقنية بديلة تعرف باسم تخطيط كهربية الدماغ.
وحقق الفريق أفضل النتائج عند تحليل ثلاث ثوان من إشارات تخطيط الدماغ المغناطيسي.
وعلى وجه التحديد، تمكنوا من فك تشفير مقاطع الكلام المقابلة بمتوسط دقة يصل إلى 41% من بين أكثر من 1000 احتمال عبر المشاركين، ومع ذلك فقد حققوا مع بعض المشاركين دقة تصل إلى 80%.
وقال كينغ: “لقد فوجئنا بأداء فك التشفير الذي تم الحصول عليه. في معظم الحالات، يمكننا استرجاع ما يسمعه المشاركون، وإذا أخطأ جهاز فك التشفير، فإنه يميل إلى أن يكون مشابها لغويا للعبارة المستهدفة”.
وتمت مقارنة نظام فك تشفير الكلام الذي اقترحه الفريق بشكل إيجابي مع مختلف الأساليب الأساسية، ما يسلط الضوء على قيمته المحتملة للتطبيقات المستقبلية.
ونظرا لأنه لا يتطلب إجراءات جراحية جائرة واستخدام زراعة الدماغ، فقد يكون من الأسهل أيضا تنفيذه في بيئات العالم الحقيقي.
وما يزال هذا النظام القائم على الذكاء الاصطناعي في مراحله الأولى من التطوير وسيتطلب تحسينات كبيرة قبل أن يتم اختباره وإدخاله في الإعدادات السريرية. ومع ذلك، كشف هذا العمل الأخير عن إمكانية إنشاء تقنيات أقل تدخلا جراحيا لمساعدة المرضى الذين يعانون من إعاقات مرتبطة بالكلام.
المصدر: ميديكال إكسبريس
زر الذهاب إلى الأعلى