“لن نرحل ونترك لهم بيوتنا”، هكذا شدّد بالقول فلسطينيون بقوا في محافظات شمال قطاع غزة، وهم يُقاومون محاولات الجيش الإسرائيلي إجبارهم على الرحيل إلى الجنوب، بمنع وصول الخدمات الأساسية إليهم، بجانب استمرار القصف.
من وقت لآخر، تلقي طائرات إسرائيلية بآلاف المنشورات على سكان شمال القطاع، تطالبهم فيها بالتوجّه لشارع صلاح الدين، ومن ثمّ الانطلاق لجنوب غزة.
وفي بيان لمركز الإحصاء الفلسطيني، الجمعة، بشأن وضع السكان حاليا في شمال غزة بعد أكثر من 40 يوما من المعارك، جاء:
1- نزح نحو 400 ألف شخص إلى محافظات وسط قطاع غزة وجنوبه.
2- لا يزال نحو 807 آلاف شخص يقيمون في محافظتي غزة وشمالي غزة.
3- الموجودون يمثلون نحو 152 ألف أسرة من أصل 1.2 مليون فلسطيني كانوا يقيمون في تلك المحافظات؛ ما يعني أن ثلثي سكان محافظتي الشمال ما زالوا فيها.
4- الفلسطينيون في الشمال يتمركزون في مناطق أم النصر، بيت لاهيا، بيت حانون، جباليا ومخيمها، مخيم الشاطئ، مدينة غزة، مدينة الزهراء، المغراقة، وجحر الديك.
“لا تصدّقوا أن شمال غزة فارغ”
تواصَل موقع “سكاي نيوز عربية” مع فلسطينيين ما زالوا يرفضون مغادرة شمال القطاع لمعرفة الأحوال هناك.
سامي منصور، يقيم في منطقة القرية البدوية شمال قطاع غزة، يقول: “منذ اليوم الأول لعمليات التهجير، اتفقنا على عدم ترك بيوتنا للإسرائيليين، ونعلم جيدا أن بقاءنا سيكلّفنا الكثير، وإن اضطررنا لإجلاء المرضى والأطفال وكبار السن؛ لأنهم في أمسّ الحاجة للمساعدة”.
ورغم أن العمليات العسكرية فيها ليست بقوة تلك التي تجري قرب الحدود “ولكن عناصر المقاومة تحاول بقدر الإمكان جر الجيش الإسرائيلي بعيدا عنا في المناطق الخالية”.
من أشكال المعاناة التي تعيشها “القرية البدوية”، يوضّح منصور: “حاليا في القرية 4 آلاف شخص نعيش على الخبز فقط، والمياه اقتربت من النفاد، والجيش الإسرائيلي يرفض إدخال مساعدات لنا من الأونروا، ومن يخرج عن نطاق معين من المنطقة يطلق عليه النار فورا”.
ويحذّر المواطن الفلسطيني من تصديق ما يشيعه الإعلام الإسرائيلي عن أن شمال غزة بات خاليا، مؤكدا أنه “لم يغادر سوى كبار السن والمرضى، ومن هم في أمسّ الحاجة للمساعدة، ونحن نؤكد على ذلك، ولكن ضعف الاتصالات والإنترنت يمنعنا عن توصيل هذا الأمر للعالم ونقل ما يجري”.
بالمثل، يشدّد ياسين إسماعيل، وهو يعمل ضمن المتطوّعين في العمل الإنساني ومقيم في بيت لاهيا بشمال غزة، على أن إسرائيل “تحاول إيهام العالم بأننا رحلنا من بيوتنا في الشمال لتفعل بنا ما يحلو لها”.
وعن سبب بقائه، يقول: “اتفقنا من البداية أننا لن نرحل وسنبقى في منازلنا”، مشيرا إلى أن من رحل قبل ذلك عن منازلهم حولها الإسرائيليون إلى مستوطنات؛ أي فقدوها وأصبح رجوعهم صعبا.
ويشكو إسماعيل من التضييقات التي يمارسها الجيش الإسرائيلي على الخدمات الأساسية، ومنها: “المستشفيات، مثل القدس والرنتيسي، خرجت من الخدمة، ومستشفى الشفاء مُحاصر، وكنا نستقبل سيارات المساعدات هنا في أحد الشوارع الرئيسية، لكن الآن منعوها من الدخول، ولا نستطيع التجمّع في الشوارع، ونعيش بأقل من القليل، أما المياه فأوشكت على النفاد، والكهرباء لم تأتِ بعد، والاتصالات ضعيفة للغاية، وستُقطع قريبا”.
ويختتم إسماعيل مكررا أنه “هناك ضغوط كبيرة من الجيش الإسرائيلي لإجبارنا على الخروج، لكننا متمسّكون هنا بالأرض، لن نرحل، ولن نترك لهم بيوتنا”.
معارك تهدّد جنوب غزة
في تقرير سابق، شكا فلسطينيون لموقع “سكاي نيوز عربية” ممن نزحوا إلى الجنوب، من أنهم وجدوا أن الحال هناك ليس أفضل من الشمال، سواء فيما يخص نقص الخدمات أو في تتبعهم بالقصف والغارات الإسرائيلية.
والجمعة 17 نوفمبر، قال كبير المتحدّثين باسم الجيش الإسرائيلي، الأميرال دانيال هاغاري، خلال مؤتمر صحفي، إن القوات الإسرائيلية ستقصف الأهداف التابعة لحركة حماس أينما وجدتها، بما في ذلك في جنوب قطاع غزة، في الوقت الذي تواصل القوات عمليتها البرية في شمال القطاع.
وأضاف هاغاري في مؤتمر صحفي دوري: “نحن مصممون على المضي قدما في عمليتنا.. سيكون ذلك في أي مكان توجد فيه حماس، بما في ذلك جنوب القطاع”.
ومع نزوح مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى الجنوب، يُخشى أن يسبّب اتساع العمليات العسكرية إلى المناطق الجنوبية خسائر بشرية فادحة في صفوف المدنيين.
وقُتل أكثر من 11300 فلسطيني وأصيب 29 ألفا، وفق إحصاء حكومة حماس في قطاع غزة، منذ نشوب المعارك بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل في 7 أكتوبر الماضي، مقابل 1200 قتيل وأكثر من 5 آلاف مصاب في الجانب الإسرائيلي.
زر الذهاب إلى الأعلى