الرئيسيــةتقـــارير

كيف تقرأ النخب الجنوبية زيارة الرئيس الزُبيدي إلى بريطانيا؟

منارة عدن/ استطلاع: مريم بارحمة
تعد زيارة الرئيس عيدروس بن قاسم الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، إلى دولة بريطانيا نقطة تحول مهمة في تاريخ قضية الجنوب، خاصة وأن بريطانيا لها دور محوري ورئيسي فهي حاملة القلم بالنسبة لملف الشمال والجنوب في الأمم المتحدة ومجلس الأمن. وحظيت الزيارة باهتمام سياسي وإعلامي من وسائل إعلامية كبرى بريطانية واجنبية من بينها قناة “بي بي سي عربي” البريطانية، و”القناة البريطانية الرابعة”، وصحيفة “الغارديان البريطانية”، والندوة التي نظمها المعهد الملكي البريطاني “تشاتام هاوس”، وموقع “ميديل إيست أي” وغيره.
  إن هذه الزيارة أكدت أن المجتمع الدولي بات يعترف بأن المجلس الانتقالي الجنوبي يعد قوة على الأرض، ويسعى للسلام والتعايش السلمي، وحسن جوار والشراكة مع دول التحالف العربي واشقاءه، ويتمتع قادته بحكمة وحنكة سياسية ولن يتنازل عن استعادة دولته الجنوبية الفيدرالية.
فكيف يمكن قراءة زيارة الرئيس عيدروس الزُبيدي إلى بريطانيا العظمى والمقابلات التي أجرتها وسائل إعلامية كبرى بريطانية وأجنبية بشكل كبير جدًا وملفت للنظر؟، وما أهم الرسائل التي وجهها سيادة الرئيس الزُبيدي إلى المجتمع الإقليمي والدولي من بريطانيا؟، كما أن الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي كشف خلال ندوة المعهد الملكي البريطاني “تشاتام هاوس” رفضه عرضًا لتولي رئاسة اليمن ما أهمية هذا الرفض للجنوب شعبًا وأرضًا؟، وكذلك في تصريح لوسائل الإعلام البريطانية والأجنبية قال الرئيس عيدروس:” أن الحل لإنهاء الصراع باليمن هو استقلال الجنوب” كيف يقرأ ذلك؟، كما أن الرئيس عيدروس خلال لقاءه بقناة “بي بي سي عربي” البريطانية تحدث عن خيارات ثلاث لشعب الجنوب حيث قال الرئيس عيدروس: ” ثلاثة خيارات ممكنة في حال جرى استفتاء في الجنوب تتمثل إما في أن يبقى الجنوب في إطار دولة موحدة، أو في إطار دولة اتحادية، أو العودة إلى ما قبل حدود 1990.” كيف يفسر ذلك؟
للإجابة على كل هذه التساؤلات وتحليلها كانت لنا عدة لقاءات مع نخب سياسية وأكاديمية وإعلامية جنوبية وخرجنا بهذه الحصيلة من الآراء:
-نقطة تحول
بداية لقاءاتنا مع الأستاذ عبدالناصر صالح الجعري، عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي فيتحدث معنا قائلاً:” مما لا شك فيه أن الزيارة وما رافقها من لقاءات أو مقابلات شكلت نقطة تحول غير عادي لاسيما أنها جاءت في ظرف غير عادي تمر به قضية شعب الجنوب، بما شهدته من تحولات مؤخراً، كان أبرزها إقرار الميثاق الوطني وغيرها من الوثائق في اللقاء التشاوري الجنوبي، وقد كانت طروحات الرئيس عيدروس الزُبيدي مفندة لكثير من الأمور وأعطت تحديداً شافيًا كافيًا لتوجهات المجلس الانتقالي الجنوبي لقيادة المرحلة الانتقالية القادمة، وكذلك جاءت اهتمامات وسائل الإعلام البريطانية والغربية؛ لتعطي زخمًا غير عادي من منطلق اهتمامها بقضية الجنوب والتحولات الجذرية التي يقودها الانتقالي نحو الاستحقاق الوطني لشعب الجنوب”.
-اهتمام سياسي وإعلامي
بينما د. حسين مثنى العاقل، عضو الجمعية الوطنية وعضو هيئة التدريس بجامعة عدن يقول :” لقد حظيت زيارة الأخ القائد اللواء عيدروس الزُبيدي باهتمام وعناية كبيرة سياسيًا وإعلاميًا، حيث كانت في مستوى من التبجيل الذي يستحقه كقائد سياسي له ولشعبه قضية سياسية أوصلها إلى المحافل الدولية؛ لذلك تعد هذا الزيارة فاتحة خير وسلام ومؤشر ايجابي في بلوغ درجة الاعتراف الرسمي بعدالة قضية شعب الجنوب”.
-قضية الجنوب منذ 1994م
وعن أهم الرسائل التي وجهها سيادة الرئيس الزُبيدي للمجتمع الدولي والاقليمي من بريطانيا يتحدث الأستاذ سالم صالح الدياني، عضو لجنه الحوار الجنوبي وعضو الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي قائلا :” وجه الرئيس القائد عدة رسائل سياسية وعسكرية واقتصادية، من أهمها أولاً: إن قضية الجنوب جاءت منذ احتلاله صيف 1994م وان شعب الجنوب يقوم الاحتلال بمختلف الوسائل منذ وقوعه، ولم تأتي منذ قيام عاصفة الحزم وقيام التحالف العربي المناهض للحوثي وتحمل مشروعية قانونيه وسياسية إقليميا ودوليا، بينما الرسالة الثانية: أن المجلس الانتقالي الجنوبي ملتزم بشراكته مع التحالف العربي وان المجلس الرئاسي متماسك لهذا الغرض وموحد في إطار التصدي للمليشيات الحوثية، والرسالة الثالثة: المعاناة التي يعانيها شعب الجنوب اقتصاديًا وخدماتيًا”.
-مساعي حثيثة لاستعادة الدولة
بينما يؤكد الصحفي والناشط السياسي الإعلامي الأستاذ أحمد علي مقرم قائلا :” تحمل زيارة الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي في طياتها العديد من المدلولات السياسية والدبلوماسية فهي تأتي في سياق المساعي الحثيثة في استعادة دولة الجنوب بطريقة آمنة وسلسلة وبرعاية الأمم المتحدة”.
-مصداقية المواقف
وبخصوص كشف الرئيس عيدروس الزُبيدي رفضه عرضًا بأن يتولى رئاسة اليمن وأهمية هذا الرفض للجنوب شعبًا وأرضًا يقول د. العاقل:” نعم لقد عرضوا على سيادة الرئيس القائد كل ما يمكن عرضه من إغراءات سياسية، بما في ذلك أن يكون رئيسًا لليمن الاتحادي، وهم بذلك الأغراء يهدفون إلى قياس رغبته في السلطة وتحويلة إلى جزء من اللعبة القذرة للهيمنة والاستبداد، ولكن بعزة النفس ومصداقية المواقف لعدالة قضية الجنوب التي يناضل في سبيلها، رفض تلك المساعي وأسقط الأطماع والنوايا التي كانوا يريدون تلطيخ سمعته فيها”.
-قائد يبحث عن وطن
بدوره أ. الجعري يؤكد قائلاً :” ربما كان هذا الكشف لدى الكثير من المتابعين والمراقبين مفاجأة، لكنه بكل تأكيد أمر وارد والهدف من وراءه ليس بخافيًا على أحد وهو افراغ قضية الجنوب من محتواها وسحب البساط من تحت اقدام المجلس الانتقالي الجنوبي، وتنبع أهمية رفض القائد عيدروس من منطلقات عديدة موضوعية، لعل أبرزها ادراك الرئيس القائد أنه لا يبحث عن منصب أو جاه بقدر ما يسعى لتحقيق إرادة شعب الجنوب، وقد صرح الرئيس أكثر من مرة أنا  لا أبحث عن سلطة بقدر ما أبحث عن وطن منذ عام 1994م. وتبوء أي منصب لن يحد الرئيس القائد مطلقًا من الاستمرار في تبني قضية شعبه التي فوضه بشأنها. وشعب الجنوب كما ثأر أول يوم، هو العين الساهرة على قضيته والعين المراقبة لتصرفات هذا المسؤول أو ذاك في حال أي تهاون تجاه الهدف الأساسي الذي أجمع عليه شعب الجنوب”.
-إطار تفاوضي
وعن تصريح الرئيس القائد أن الحل لإنهاء الصراع باليمن هو استقلال الجنوب يتحدث الصحفي مقرم قائلاً :” تصريحات الرئيس الزُبيدي الأخيرة لوسائل الإعلام البريطانية والأجنبية تأتي في ظل الاهتمام الدولي بشخصية الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي ومن أهمها وأبرزها ان يكون لقضية شعب الجنوب إطار تفاوضي للسعي قدمًا نحو تحقيق تطلعات شعب الجنوب المتمثل في استعادة دولة الجنوب”.
-مشروعية قضية الجنوب
ويضيف أ. الدياني “: أكد الرئيس الزُبيدي على مشروعية قضية الجنوب وثبات المجلس الانتقالي على المضي قدما حتى تحقيق هدف شعب الجنوب الأعلى والأسمى المتمثل في الاستقلال الناجز، وان أي جنوح عن هذا الحل لن يحقق أي استقرار في المنطقة ككل”.
-دبلوماسية وحنكة
وعن الخيارات الثلاثة التي تحدث الرئيس الزُبيدي عنها خلال لقاءه بقناة “بي بي سي عربي” واستفتاء شعب الجنوب عن حقه في تقرير مصيره يقول د. العاقل:” إن عرض هذه الثلاثة الخيارات بما فيها الاستفتاء من قبل الرئيس عيدروس كانت بالغة الأهمية وإجابة دبلوماسية محنكة، فهو يقصد أن الخيارات مهما طرحت مستقبلاً للتنفيذ فسوف تنتهي بحكم الأوضاع المحسومة شمالًا لصالح الحوثي وجنوبًا لصالح الانتقالي، وبالتالي لن تجدي أي منهما للتنفيذ؛ لأن الحقائق على أرض الواقع تفرض مجريات سياسية ليس لكل تلك الخيارات من عوامل تصلح لإمكانية تطبيقها”.
-لغة دبلوماسية
فيما يؤكد أ. الدياني بأن جملة لغة الرئيس لغة دبلوماسية؛ ليخاطب بها صناع القرار وطرح الثلاثة الخيارات ليقول لهم اعرضوها على الشعب، لعلمه أن شعب الجنوب قد حسم الاستفتاء مبكرًا بتضحياته ومليونياته التي خرجت في كل مناطق الجنوب.
-خيار لا تراجع عنه
 وبدوره أ. الجعري يجدد التأكيد قائلاً :” حتمًا سيصل المجلس الانتقالي الجنوبي ومعه كل القوى الوطنية الجنوبية الحية المؤمنة بقضيتها، وفيما يتعلق بموضوع العودة إلى الوحدة فقد انتهى هذا الموضوع جذريًا بدءً من حرب صيف 1994م وانتهاءً بحرب مارس 2015م، وموضوع الاستفتاء بالتأكيد  حق مشروع كفلته الأنظمة والقوانين الدولية، وفيما يتعلق باستفتاء شعب الجنوب فقد استفتى على قضيته منذ انطلاق الحراك السلمي في 2007م وما تلاها من مليونيات كان موقف شعب الجنوب واضحًا فيها”، مضيفا:”  وقد كانت حرب 2015م أكثر تجسيداً لموقف شعب الجنوب حول هدف قضيته ومشروعه الوطني عندما حمل السلاح وخرج عن بكرة أبيه دفاعًا عن مدن ومحافظات الجنوب، وقدم آلاف الشهداء والجرحى، ومع ذلك لا نرى أي ضرر في ذلك عندما يقوم هذا الاستفتاء على أسس ومعايير شفافة ونزيهة وبإشراف دولي. علمًا بأن خيار شعب الجنوب هو استعادة دولته وهو الخيار الذي لا تراجع عنه”.
-شعب الجنوب يقرر
ويضيف الصحفي مقرم :” الخيارات التي طرحها الرئيس الزُبيدي هي خيارات جيدة فلا يمكن ان يتم فرض خيار معين على شعب الجنوب، فهو يقرر ما هو مناسب له إن اراد الوحدة كان بها، وان أراد الاستقلال فهذا خياره”.
مشــــاركـــة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى