دحض الأسطول الأميركي الخامس رواية القوات البحرية في الجيش الإيراني، بشأن إجبار غواصة «فلوريدا» الأميركية على «تصحيح مسارها» في المياه الإقليمية الإيرانية، قرب مضيق هرمز في الخليج.
وانتقد الأسطول الخامس الأميركي، ومقرُّه البحرين، ما سمّاها «معلومات مضللة» إيرانية، واصفاً إياها بأنها «مزاعم كاذبة تماماً». وقال المتحدث تيموثي هوكينز، لـ«رويترز»: «لم تَعبر غواصة أميركية مضيق هرمز، اليوم، أو في الآونة الأخيرة». وشدد على أن «هذا الادعاء يمثل مزيداً من المعلومات المضللة الإيرانية، التي لا تسهم في تحقيق الأمن البحري الإقليمي والاستقرار».
وقالت «البحرية» الأميركية، في وقت سابق هذا الشهر، إن الغواصة «فلوريدا»، التي تعمل بالطاقة النووية، والمزوَّدة بصواريخ موجَّهة، تعمل في الشرق الأوسط دعماً للأسطول الخامس الأميركي.
وقبل هوكينز بساعات، قال قائد البحرية الإيرانية شهرام إيراني، للتلفزيون الرسمي، الخميس، إن قواته أجبرت غواصة أميركية على الصعود إلى السطح، لدى دخولها مياه الخليج، لكن القيادي الإيراني لم يحدد توقيت هذه المواجهة.
وقال إيراني: «كانت الغواصة الأميركية تقترب وهي مغمورة تحت السطح، لكن الغواصة الإيرانية (فاتح) رصدتها ونفَّذت… مناورات، لإجبارها على الصعود إلى السطح، أثناء مرورها عبر مضيق (هرمز)، ودخلت أيضاً مياهنا الإقليمية، ولكنها… صحَّحت مسارها، بعدما تلقّت إنذاراً».
وأضاف إيراني: «كانت الغواصة تبذل قصارى جهدها، مستخدمة كل قدراتها للمرور في صمت تام، دون أن يجري رصدها… سنوضح، بالتأكيد، للهيئات الدولية أنها انتهكت حدودنا».
وأدلى إيراني وهو عميد بحري بعدّة تصريحات إعلامية، هذه الأيام، مع إحياء يوم الجيش في إيران، وهو من المناسبات في التقويم العسكري الإيراني التي تشهد قفزة في الظهور الإعلامي للقادة العسكريين.
وكانت وكالة «إيسنا» الحكومية قد نقلت تصريحات عن إيراني، الثلاثاء الماضي، على هامش العرض العسكري السنوي. وقال فيها، للصحافيين، إن «تحرك السفن الحربية الأميركية تسبَّب في تعب المنطقة، وقواتنا تراقب أعمالهم المؤذية». وأضاف: «نحن عادةً نقدم إرشادات لهم». وأضاف: «إننا، اليوم، نشهد انتشاراً للقرصنة البحرية في المنطقة، فذلك يرجع إلى الوجود غير المبرَّر للولايات المتحدة».
أتى الإعلان الإيراني، أمس، غداة إعلان «البحرية» الأميركية إطلاق أول زورق مسير، عبر مضيق هرمز الاستراتيجي. وقال هوكينز، لوكالة «أسوشيتد برس»، إن الرحلة، التي قام بها الزورق المسير «إل 3 هاريس أرابيان فوكس ماست -13»، وهو زورق سريع يبلغ طوله 13 متراً (41 قدماً)، ويحمل أجهزة استشعار وكاميرات، لفتت انتباه «الحرس الثوري» الإيراني، لكنها مرَّت دون وقوع حوادث.
ورافق الزورق بارجتا خفر السواحل الأميركيتان «يو إس سي جي سي تشارلز مولثروب»، و«يو إس سي جي سي جون شيرمان».
وأطلق الأسطول الخامس، العام الماضي، وحدة خاصة بالمسيرات البحرية، تهدف إلى إدارة أسطول من 100 مسيرة بحرية، في المنطقة. واستولت إيران، لفترة وجيزة، على عدد من المسيرات البحرية الأميركية، التي كان يجري اختبارها في المنطقة، في أواخر أغسطس (آب)، وأوائل سبتمبر (أيلول)، على الرغم من عدم وقوع أي حادث مماثل منذ ذلك الحين.
ويقوم الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، ويتخذ من البحرين مقراً له، بدوريات في مياه الشرق الأوسط، خصوصاً الخليج العربي ومضيق هرمز؛ للحفاظ على الممرات المائية مفتوحة أمام التجارة الدولية، فضلاً عن حماية المصالح والحلفاء الأميركيين. ومع ذلك تنظر إيران إلى وجود البحرية الأميركية بعين الارتياب.
وتتقاسم بحرية الجيش الإيراني والوحدة الموازية لها، في بحرية «الحرس الثوري»، حماية الأمن الإيراني في الخليج العربي، ومضيق هرمز، وهو ممر مائي حيوي لإمدادات الطاقة العالمية، حيث يمر منه خُمس النفط المتداول. ويُعدُّ مضيق هرمز الخط الفاصل بين منطقة الخليج التي يتولى حمايتها «الحرس الثوري»، وخليج عمان الذي يقع ضمن مهامّ بحرية الجيش الإيراني.
ووقع عدد من المواجهات بين القوات الإيرانية والأمیركية قبل ذلك. وقالت «البحرية» الإيرانية، في أوائل أبريل (نيسان)، إنها وجّهت تحذيراً لطائرة استطلاع أميركية، بعد رصدها قرب خليج عُمان. وفي عام 2019 أسقطت إيران طائرة أميركية مسيَّرة قالت إنها كانت تحلِّق فوق جنوب إيران.
من جانب آخر سلّمت وزارة الدفاع الإيرانية الجيش أكثر من مائتي مسيّرة جديدة مزوّدة بقدرات صاروخية وأنظمة حرب إلكترونية، وفق ما أعلن الإعلام الرسمي الخميس.
وفي مراسم بثّها التلفزيون، سلّم وزير الدفاع، العميد محمد رضا قرائي آشتياني، «مائتي مسيّرة استراتيجية بعيدة المدى» إلى القائد العام للجيش اللواء عبد الرحيم موسوي، وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الإعلام الحكومي الإيراني.
حضر المراسم قائد القوة الجوية في الجيش، اللواء عزيز نصير زاده، وقائد الدفاع الجوي العميد علي رضا صباحي فرد.
وأفادت وكالة «إرنا» بأن المسيّرات التي أنتجتها وزارة الدفاع مصممة لمهامّ الاستطلاع وتنفيذ ضربات، ويمكن تزويدها صواريخ «جو – جو»، و«جو – أرض»، و«قنابل بعيدة المدى».
بدورها، نقلت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن موسوي قوله إن إنجازات الطائرات المسيرة للجيش هي نتيجة دعم المرشد علي خامنئي.
واستعرض الجيش الإيراني عدداً من الطائرات المسيرة الانتحارية، والاستطلاعية، والهجومية؛ بما في ذلك مسيرات «مهاجر6»، خلال العرض السنوي الثلاثاء الماضي.
ويعدّ تزويد الجيش الإيراني الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية، التي كان يحتكرها «الحرس الثوري»، تطوراً جديداً لهذه القوات.
في فبراير (شباط)، أعلن الجيش الإيراني عن تدشين «أول قاعدة جوية تحت الأرض» للطائرات المقاتلة والمسيرات، باسم «عقاب 44»، في مكان غير معروف.
في مايو (أيار) الماضي، وزعت وسائل الإعلام الإيرانية صوراً من قاعدة سرية للمسيرات، في أثناء تدشينها على يد قائد الجيش رئيس هيئة الأركان، محمد باقري، في أول تأكيد رسمي على تزويد الجيش مسيرات جديدة.
وقال التلفزيون الإيراني حينها إن القاعدة التي تقع في مكان غير معروف بجبال زاغروس الممتدة غرب البلاد، تضم مائة طائرة مسيرة؛ بينها طائرات من طراز «أبابيل5» التي قال إنها مزودة بصواريخ «قائم9»، وهي نسخة إيرانية الصنع من الصواريخ «جو – أرض» الأميركية «هيلفاير».
وفرضت الولايات المتحدة والاتّحاد الأوروبي عقوبات على إيران جرّاء برنامجها للطائرات من دون طيار، متهمة إياها بتزويد روسيا مركبات جوية مسيّرة من أجل حربها في أوكرانيا، وهي تهمة تنفيها طهران.
زر الذهاب إلى الأعلى