«Copilot» من مايكروسوفت.. ذكاء اصطناعي يفكر ويتذكّر كالعقل البشري

في خطوة جديدة تعكس طموحاتها لقيادة سباق الذكاء الاصطناعي على مستوى المستخدمين الأفراد، كشفت شركة مايكروسوفت عن إصدار مُحدّث من مساعدها الذكي «Copilot»، يتميز بذاكرة تفاعلية متقدمة وقدرة على تخصيص التفاعل مع المستخدمين بطريقة غير مسبوقة.
الإعلان جاء خلال فعالية احتفالية ضخمة أقيمت يوم الجمعة بمناسبة مرور 50 عاماً على تأسيس الشركة، في مقرها الرئيسي بمدينة سياتل الأميركية، حيث استعرضت “مايكروسوفت” رؤيتها لمستقبل مساعدي الذكاء الاصطناعي، في ظل منافسة شرسة مع شركات مثل “غوغل”، “أبل” و”أمازون”.
ذاكرة ذكية.. ومساعد يبادرك بالاقتراحات
واحدة من أبرز الميزات الجديدة التي أثارت اهتمام الحضور هي ميزة “الذاكرة”، التي تتيح لـ”Copilot” تذكّر المعلومات الشخصية مثل تفضيلات الطعام والأفلام، المناسبات الخاصة كأعياد الميلاد، وحتى عادات التسوق، بهدف تقديم تجربة تفاعلية أكثر واقعية وتلقائية.
ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة Financial Times البريطانية، فإن مصطفى سليمان، رئيس قسم الذكاء الاصطناعي الاستهلاكي في مايكروسوفت والمؤسس الشريك السابق لـ”DeepMind” التابعة لغوغل، قدّم عرضًا مباشرًا لقدرات “Copilot” المُحدّثة، التي تشمل إمكانية حجز التذاكر، إجراء المعاملات الإلكترونية، وشراء المنتجات عبر الإنترنت دون تدخل بشري.
تحكّم كامل وخصوصية محفوظة
ولتهدئة المخاوف المتعلقة بالخصوصية، أكدت الشركة أن المستخدم يملك السيطرة الكاملة على ما يتذكره المساعد، حيث يمكن إدارة بيانات الذاكرة أو حذفها بالكامل من خلال لوحة تحكم شفافة وسهلة الاستخدام.
وأضافت “مايكروسوفت” في بيان رسمي: “أثناء تفاعلك مع Copilot، يُنشئ المساعد ملفًا شخصيًا غنيًا لتقديم حلول مخصصة واقتراحات ذكية وتذكيرات فورية، مع الحفاظ على أعلى معايير الأمان والخصوصية”.
تفاعل بصري وقدرات استشعار في الجيب
لم تقف التطورات عند التفاعل النصي، بل وسّعت “مايكروسوفت” ميزة “Copilot Vision” لتشمل أنظمة ويندوز والأجهزة المحمولة، بعد أن كانت مقتصرة على المتصفحات.
وستكون هذه الميزات متاحة بداية من الأسبوع المقبل لمستخدمي “Windows Insiders”.
الميزة تتيح للمساعد رؤية محتوى الشاشة أو ما تعرضه الكاميرا، ثم الإجابة عن أسئلة حوله.
وعلى سبيل المثال، يمكن للمستخدم توجيه كاميرا هاتفه إلى منتج أو مكان ما، ويسأل “Copilot” عنه مباشرة.
هذه الخاصية أصبحت متاحة الآن على تطبيقي “Copilot” لنظامي iOS وأندرويد.
تصميم وتفاعل على ذوقك
ضمن جهودها لجعل “Copilot” أكثر ألفة وقربًا من المستخدمين، تعمل الشركة على إضافة إمكانيات تخصيص شكله وأسلوبه، بحيث يمكن منحه “مظهرًا خاصًا”، في محاولة لمحاكاة تجربة التفاعل مع مساعد بشري وليس مجرد تطبيق آلي.
استراتيجية جديدة
يمثل هذا التحديث أكبر دفعة لوحدة الذكاء الاصطناعي الاستهلاكي في مايكروسوفت منذ انضمام سليمان قبل أكثر من عام، في وقت تُعيد فيه الشركة رسم استراتيجيتها للتقليل من اعتمادها على شريكتها “OpenAI”، التي ساهمت في تصميم جزء من نماذج “Copilot”، لكنها لم تحظَ بنفس الانتشار الذي حققته منصة “ChatGPT”.
وفي حين تدر خدمات مايكروسوفت للشركات، مثل حزمة “Microsoft 365” وسحابة “Azure”، أكثر من ثلاثة أرباع عائداتها، إلا أن الشركة تتطلع الآن إلى ترسيخ مكانتها بين المستهلكين، في سوق تهيمن عليه شركات التكنولوجيا الكبرى.
حرب البحث مستمرة
كما أعلنت “مايكروسوفت” أنها تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز محرك البحث “بينغ” وتحدي الهيمنة شبه المطلقة لـ”غوغل”، التي تستحوذ على نحو 90% من سوق محركات البحث.
وبينما يشهد الذكاء الاصطناعي طفرة في الاستخدام اليومي، يبدو أن مايكروسوفت تراهن على “Copilot” لإعادة تقديم نفسها كمنافس حقيقي في سوق لا يرحم، حيث لا يكفي أن تكون ذكيًا، بل يجب أن تكون الأذكى.