اخبــار محليـة

مليشيا الحوثي..اجنحة متعددة فمن هو صاحب قرار السلم والحرب فيها؟

تتعدد أجنحة مليشيات الحوثي نفوذا وقوة، لكن زعيم الجماعة الإرهابية عبدالملك الحوثي لايزال وحده من يحتفظ بقرار السلم والحرب.

فعلى المستوى المحلي، تتنازع أجنحة وقيادات عديدة قرار المليشيات الحوثية في قضايا تفصيلية وهامشية في مناطق سيطرة الانقلاب غير أن القرار الأول بالنسبة للحرب والسلام يبقى حكرا على زعيم الانقلاب، ومعه مجموعة صغيرة من المستشارين المرتبطين جميعهم بدوائر إيرانية تتحكم في المشهد العام.

خبراء وسياسيون يمنيون يرون أن هذا التنازع الملغوم بين أجنحة الحوثي يشكل عقبة أمام أي سلام يمكن الحديث عن إنجازه مع المليشيات كون مصالح وارتباطات الأجنحة المتعددة تستهدف خلق واقع تعتاش منه قيادات كبيرة صنعت لنفسها مكانة وامتيازات بقدر قربها من القرار.

بجانب أن من مصلحة هذه الأجنحة استمرار الحرب كونها توفر بيئة مناسبة لظهور أمراء واقتصاديات حرب وتجمعات نفعية تقوم على الإثراء من الحرب ونتائجها وظروفها واحتياجاتها أيضا، بحسب ذات المصادر.

وأبرز هذا الأجنحة التي تنامت مؤخرا وباتت لها أذرع استخباراتية واقتصادية خاصة هي التابعة للقياديين محمد علي الحوثي، وأحمد حامد، فيما برز مؤخرا جناح عبدالله الرزامي كواجهة قبلية في الجناح العسكري.
أدوات طهران البديلة

ويقول الخبراء إن هناك وجهان للأجنحة داخل تكوين الحوثي، الأول: برز إثر السباق على النفوذ والامتيازات، والثاني هي أجنحة يشيدها زعيم التمرد عبدالملك الحوثي بطلب وتنسيق من الجانب الإيراني.

ووفقا للمسؤول في المكتب السياسي للمقاومة الوطنية محمد أنعم، فإن كل أجنحة الحوثي تشكل خطرا على السلام، و يعيقون الوصول إلى تسوية سياسية تنهي معاناة اليمنيين التي صنعتها هذه المليشيات الإرهابية.

وقال في تصريحات لـ”العين الإخبارية”، إن الوجه الأول يتمثل في الأجنحة المتصارعة على النفوذ والمصالح والامتيازات داخل بنية المليشيات، وهذا نتاج لإتباع الجماعة سلوك النهب والتربح من السلطة الانقلابية واستغلال المناصب للمصالح الذاتية للقيادات التي تشكل أجنحة لتعزيز نفوذها وتوسيع دائرة مصالحها.

وعن الوجه الآخر، يشير “أنعم” وهو رئيس الدائرة الإعلامية في المكتب السياسي للمقاومة الوطنية بأنها “الأجنحة التي يصنعها زعيم المليشيات بطلب وتنسيق من الجانب الإيراني، لتشكل في أوقات معينة سلطة موازية للانقلابيين تستخدمهم طهران كأدوات بديلة لتنفيذ ما تريد دون أن تظهر مليشيات الحوثي في الواجهة” أمام العالم.

ودلل السياسي اليمني بجناح “جماعة الرزاميون اتباع يحيى الرزامي ووالده وقبائل أخرى تنفصل كقوة موازية حال الحاجة لها”، والتي استخدمتها مليشيات الحوثي مؤخرا في مشاورات الأردن ضمن الهدنة قبل رفضهم للمقترح الأممي.

أنعم يؤكد أن “هذا التعدد في مراكز القوة يجعل فرصة السلام شبه مستحيلة مع المليشيات دون هزيمتها عسكريا أو اختراقها من الداخل، وتقوية طرف على آخر لأن ما يحافظ على تماسك المليشيات هي المصالح التي تحتفظ بها الأجنحة المتصارعة، والتي لديها حتى الآن سقف محدد وهو زعيم المليشيا بحيث لا تتجاوز قراره”.

ويقوم زعيم المليشيا أحيانا بتغذية هذا التنافس تحت قبضته لإيجاد تعدد قيادي يسمح له بابتزاز كل طرف بالأخر، والحفاظ على سلطته المطلقة والتي تكاد تكون أشبه بسلطة زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله، وسلطة المرشد الأعلى في إيران.

غير أن السيطرة واحتواء هذه الأجنحة المتصارعة داخل هيكل الانقلاب، كما يرى أنعم، قد لا تستمر وليس بعيدا أن تتجاوز الخطوط المرسومة من زعيم المليشيات لاسيما إذا شهدت الساحة اليمنية تحركا حقيقيا لإحلال السلام وشعرت هذه الأجنحة بفقدان امتيازاتها.

تاريخ حافل بالانقلابات

وينظر إلى تعدد الأجنحة في مليشيات الحوثي من زاوية أمنية وعسكرية بأنها ستنتهي في نهاية المطاف إلى التآكل والانقلاب والصراعات البينية نظرا لتاريخ الإمامة الحافل بهذا النوع من الصراع الذي أساسه الأحقية بالحكم.

وبحسب الخبير العسكري اليمني، المقدم وضاح العوبلي، فإن “قيادة المليشيات ومرجعيتها تتركز في شخص زعيمها عبدالملك الحوثي الذي يقضي معظم أيام عمره متخفيا في الكهوف والمغارات، ما يجعله بعيدا عن حلحلة هذه الصراعات بين أجنحة مليشياته”.

ويعتقد العوبلي في تصريحات خاصة لـ”العين الإخبارية”، أن “بعد زعيم المليشيات يزيد من توسع الأجنحة وتسابقهم على الاستحواذ، وبالتالي استعصاء حل صراعها مع المستقبل”.

ويضيف أن” أي تكوين أو مكون مليشياوي معرض لهذه النسخة من صراع الأجنحة، خاصة وأن مليشيات الحوثي وجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها على رأس دولة كانت قائمة بكل مؤسساتها وبنيتها التحتية فيما هم لم يكونوا جاهزين بقدرات قيادية لدولة بهذا الحجم”.

وتابع: “هذا ما جعل كلاً منهم يتجه للاستحواذ على مربع أو قطاع معين وتعززت سيطرتهم على هذه القطاعات والمربعات والمصالح مع مرور الوقت، حتى أصبح لكلا منهم إمبراطورية خاصة، وجناحه الخاص”.

ويستشهد العوبلي بتاريخ الأئمة في اليمن “وحكم زعمائها الذي انتهى بالانقلابات والصراعات البينية التي أساسها الأحقية بالحكم أو الصراع على المصالح والنفوذ، وهذا ما تجده في تاريخهم الزاخر بالصراعات بين الأجنحة ومنها أجنحة يمثل كلاً منها أسرة من الأسر الهاشمية”.

وعن تبادل أجنحة مليشيات الحوثي مواقف السلام، يقول الخبير العسكري إن “هذا التعدد يؤثر بالفعل على عملية السلام، إذ يكون لكل جناح رأيه الخاص، لكن هذا لا يعني أن فكر وتوجه الجماعة بشكل عام ينشد السلام أو يسعى له”.

وأردف ” لو أراد الحوثيون السلام لسارع مرجعيتهم المتمثل بشخص زعيم المليشيات بإعلان السلام كنهج مبدئيا، ..وترجمة مواقفه بالعمل السياسي عبر ممثليها في هيئات ومؤسسات الدولة، لكن هذا ليس نهجهم”.

لكن ورغم عرقلة صراع أجنحة الحوثي وضربها للسلام، إلا أن هناك فرصة استراتيجية لتفكيك المليشيات وتقطيع أوصالها من الداخل وتحتاج لإدارتها بعمل استخباراتي نوعي من قبل الشرعية والتحالف العربي.

حيث يمكن دعم واستمالة بعض هذه الأجنحة وتقويتها لتؤدي دور ضرب الحركة من الداخل مقابل التزام الشرعية بمزايا مستقبلية معينة للجناح الذي يمكنه أن يؤدي ذلك، لكن هذا الجهد الاستخباراتي يبدو صفريا من جانب الحكومة المعترف بها دوليا، طبقا للعوبلي.

وفي الأعوام الأخيرة سعت إيران لتعزيز قبضة الجناح العسكري والأمني الأكثر التصاقا لها والمتحدر من صعدة لضمان بقاء “صنعاء” عاصمة رابعة محصنة من أي تأثير واختراق النافذين من الأسر الهاشمية أو الجناح القبلي، وفق مراقبين.

مشــــاركـــة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى