في كلمته بافتتاح الدورة الخامسة للجمعية الوطنية..الرئيس الزُبيدي :لا سلام إلا بعودة دولة الجنوب(نص الكلمة)
دُشنت صباح اليوم الثلاثاء، بالعاصمة عدن، أعمال الدورة الخامسة للجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي.
وألقى الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، كلمة هامة في افتتاح الدورة في ما يلي نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الهادي الأمين وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان الى يوم الدين.
الأخ رئيس الجمعية الوطنية الجنوبية
الأخوات والأخوة أعضاء الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي
يا أبنا شعبنا الجنوبي العظيم في الداخل والخارج
الحاضرون جميعاً
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نُحييكم تحية الكرامة والعزة، تحية الحب والاعتزاز، ويطيب لنا أن نشارككم افتتاح فعاليات انعقاد الدورة الخامسة للجمعية الوطنية، والتي تحمل معها آفاقًا جديدة للتطوير والارتقاء بالعمل المؤسسي في المجلس الانتقالي الجنوبي.
إننا في هذه المناسبة العظيمة نستذكر الهدف الوطني العظيم الذي حملته وحمته وحافظت عليه روافعنا الوطنية الجنوبية المتمثلة في الحراك السلمي، والتصالح والتسامح، والمقاومة الجنوبية الباسلة.
أيها الأخوات والأخوة
ان هذا التاريخ من النضال يمثّل ملحمة وطنية كان لا بد أن يكون لها منظومة قيادية وواجهة سياسية جامعة تحافظ على منجزاتها وتنسق جهودها حتى تحقيق الهدف الوطني المنشود المتمثل في استعادة دولتنا وهويتنا العربية.
ولقد تحملنا منذ إعلان عدن التاريخي في الرابع من مايو 2017م، هذه المسؤولية، مستندين فيها بعد الله على إرادة شعبنا الجنوبي العظيم، وعزيمته الصلبة التي لا تلين، وحقه المشـروع الذي دفع من اجله بتضحيات غالية علينا، حيث قاد المجلس الانتقالي الجنوبي هذه المسؤولية في ظروف استثنائية ومنعطفات سياسية واقتصادية وعسكرية وأمنية لم تكن سهلة، وسيستمر في مهمته التي أسس من أجلها حتى تحقيق تطلعات شعبنا في دولة جنوبية فدرالية حديثه.
الأخوات والأخوة
ان ارساء مداميك العمل المؤسسـي في المجلس الانتقالي الجنوبي كانت مهمة وطنية رئيسية نالت اهتمامنا الخاص، ولازمت العمل والجهود السياسية والعسكرية المبذولة، كخطوة أولى على طريق بناء تنظيمي يهيئ لشكل الدولة في الجنوب، الدولة التي ناضل شعبنا كثيراً لعقود من الزمن لاستعادتها بعد ان مورس علينا جميعاً كل اصناف التآمر الذي كسرناه بدماء شهدائنا الزكية الطاهرة، ونضال شعبنا الباسل، والقدرة على التعاطي مع مختلف الظروف والمستجدات.
لم يكن وصول قضيتنا الى هذا المستوى من القوة والحضور السياسي إقليمياً ودولياً أمراً سهلاً، لكن الإرادة الشعبية الجنوبية التي عبرت عنها وثائق وأدبيات المجلس الانتقالي الجنوبي كانت أقوى من كل العقبات والتحديات، وطالما كان الجنوب قوياً بكل أبنائه، نجدد اليوم تأكيدنا على أن هذه الوطن الجنوبي العظيم لكل الجنوبيين دون استثناء، فلنحشد الطاقات والجهود، نحو تكاتف وطني أكثر صلابة يعزز ويحمي مكتسباتنا الوطنية، ويصون تضحيات شهدائنا، وإنها لمسؤولية تاريخية تقع علينا جميعاً أمام الله وأمام الشعب والتاريخ.
السيدات والسادة
سيضل حرصنا على وحدة الصف الوطني الجنوبي ثابتاً، فهذا نهجنا منذ اليوم الأول، ولقد كنا على يقين دائم بأن الجنوبيون جميعاً يقفون على نفس الهدف وان اختلفت الطرق وتباينت الوسائل، واليوم، نقف على أعتاب مرحلة جديدة تتطلب مننا خطوة وطنية نحو مزيداً من التنسيق والتعاون والشراكة.
ان فريق الحوار الخارجي الذي كلفناه بالعمل والتواصل مع مختلف القوى والمكونات والنخب والشخصيات الاعتبارية والمتخصصة، قد بذل جهوداً مشكورة، واليوم حان الوقت لحوار موازٍ من الداخل، لترجمة اتصالاتنا الجنوبية المشتركة الى ميثاق شرف وطني يتم التوافق عليه مع كافة القوى والمكونات الجنوبية في العاصمة عدن، لضمان تحقيق اهدافنا الوطنية المشتركة، ومشاركة كل شرائح شعبنا الجنوبي في صناعة ملامح مستقبل دولة الجنوب.
ولقد وجهنا وحدة شؤون المفاوضات في البدء بالتواصل لتشكيل وفداً وطنياً جنوبياً يقوده المجلس الانتقالي بمشاركة وحضور وتمثيل مختلف القوى والكفاءات الجنوبية لتمثيل قضية شعب الجنوب وتطلعاته المشروعة في العملية السياسية.
ولن تقتصـر جهودنا الحثيثة على ذلك فقط، بل الى تمثيل أوسع لشعبنا الجنوبي وقواه ومكوناته الوطنية الحية في إطار المجلس الانتقالي الجنوبي ككيان وطني جامع، بجانب الإصلاح المؤسسـي، من خلال إعادة هيكلة مؤسساتنا وهيئاتنا الوطنية وتوسعتها والتغيير المناسب في قوامها والاستحداث الذي مع المتطلبات القائمة، بعد تقييم واسع للأداء على مستوى المؤسسات والأفراد.
ان المكتسبات الوطنية الجنوبية العزيزة محمية بإرادة الشعب ووحدة الموقف وإصرارنا الصادق على ان نحقق ما بدأنا العمل عليه منذ عقود سلماً وحرباً وفق مختلف الظروف التي مرت، واليوم ننظر بكل مسؤولية الى المرحلة القادمة نضع في أيدينا سلمية الحراك الصادقة وبندقية المقاومة الباسلة، دون تراجع.
الاخوات والأخوة
لا شك ان شراكتنا الاستراتيجية مع دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة محل اعتزاز وأهمية بالغة، وان تطويرها والبناء على ما تم انجازه فيها مستمر نحو تكامل جنوبي حقيقي مع منظومة دول الجوار وشعوبها الشقيقة.
وان التحديات الماثلة أمام دول التحالف، هي تحديات ماثلة أمامنا أيضاً، نشترك معهم في مواجهتها ومعالجتها ووضع الحلول المناسبة لها.
ومن هذا المنطلق، بجانب الاستحقاق السياسي الوطني الجنوبي، جاءت مشاركتنا في اتفاق الرياض، الذي لا تزال مضامينه ثابته ونعمل على تنفيذها كجزء أصيل من شراكتنا الحالية في مجلس القيادة الرئاسي الذي جاء كمعالجة لظروف سياسية واقتصادية وعسكرية بالغة الأهمية.
حيث اجمعت القوى والمكونات والنخب السياسية في مشاورات الرياض الذي رعته دول مجلس التعاون الخليجي على ضرورة معالجة مؤسسة الرئاسة وإجراء إصلاح جذري في هياكل الدولة، وإعادة النظر في كثير من الملفات كمخرجات معلنة كان في طليعتها إدراج قضية شعب الجنوب في أجندة المفاوضات ووقف الحرب ووضع إطار تفاوضي خاص لها في عملية السلام الشاملة التي تقودها الأمم المتحدة، وكذا الإقرار بحق الجنوب في تقرير مصيره وتحديد مستقبله السياسي.
واليوم، يقع على وجودنا في مجلس القيادة الرئاسي ضمان تنفيذ كل ما سبق، بما في ذلك إكمال تنفيذ اتفاق الرياض، واجراء اصلاح اقتصادي شامل ينتشل شعبنا من محنته الانسانية وظروفه الاقتصادية الصعبة، واصلاح عسكري يضمن معالجة الأخلال في وزارتي الدفاع والداخلية، والقدرة على مواجهة التهديدات العسكرية، وتنسيق الجهود العسكرية والعملياتية بين قواتنا الجنوبية المسلحة ومختلف القوات العسكرية المناوئة لميليشيات الحوثي.
الحضور الكريم
إن مقتضيات المرحلة، تحتم على الجميع التكاتف والتعاضد والتعاون، لانتشال البلاد من وضعها الحالي، والسعي بكل جهد، لتوفير الخدمات الأساسية وإنعاش الوضع الاقتصادي والخدمي، وإصلاح مؤسسات الدولة ومكافحة الفساد، وإنجاز مقتضيات التنمية والأمن والاستقرار.
وفي هذا المقام فإننا في مجلس القيادة الرئاسي نضع معاناة المواطن في العاصمة عدن وعموم المحافظات المحررة في ظل ما يعايشه من غلاء المعيشة وتردي الخدمات وشحة الدخل في صدارة أولوياتنا، وقد حرصنا على أن تكون الأولوية لإصلاح أوضاع العاصمة عدن، وبذلنا جهودًا دؤوبة للحد من تداعيات الوضع المتردي للخدمات فيها، شاكرين الاستجابة السـريعة للأشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت لمعالجة بعض الملفات العاجلة، واستعدادهم لدعم جملة من المشاريع الخدمية في العاصمة عدن وسائر المحافظات المحررة.
السيدات والسادة
ان قرار الحرب الظالمة على الجنوب لم يكن أمامنا غير مواجهته، وهذا ما قمنا به، دافعنا عن أنفسنا وأهلنا وأرضنا وكرامتنا، وقدمنا عشـرات الآلاف من الشهداء والجرحى من أجل الجنوب، وأسهمنا ولا زلنا وسنظل مع كل الشـرفاء في اليمن نحو تأمين كامل لأمن المنطقة وسلامة مستقبلها السياسي والاجتماعي والاقتصادي والأمني والديني.
وعليه، فإننا من على الأرض سنقرر كيف يكون السلام، السلام الذي يضمن تحقيق ما حاربنا وقدمنا التضحيات من أجله، وليس السلام البعيد عن الواقع، فهذه التضحيات الجسيمة لن تقبل سلاماً قاصراً وغير صالحاً لا يمكن تطبيقه والبناء عليه، السلام المغلف بالهزيمة والفشل والاستسلام.
ولقد دعينا الى سلام شامل ولا زلنا، غير ان هذا السلام يجب ان يضمن استعادة الجنوب الى اهله، وعودة اليمن الى حاضنته العربية.
يأتي هذا من خلال عملية سياسية شاملة، يشارك فيها الجميع، ويقرر من خلالها الجنوبيون مصيرهم وفق تطلعاتهم المشـروعة والمعلنة، وتضمن فيها شعوب المنطقة يمناً آمناً، وهذا هو الحل الذي تضمنه اتفاق الرياض، ومخرجات مشاورات مجلس التعاون، والواقع على الأرض.
لذلك، وفي إطار دعمنا للهدنة، فإننا ننظر بعين فاحصة الى كل ما يدور، ونشير في هذا المقام الى ضرورة تشكيل وفد تفاوضي مشترك
وفق ما نص عليه اتفاق الرياض وأكدته مشاورات مجلس التعاون، وكذا وضع محددات واضحة ومتفق عليها للعملية السياسية الشاملة.
الحضور الكريم
ان حماية منطقتنا الاستراتيجية، وتأمين خطوط الملاحة البحرية في باب المندب وخليج عدن يتأتى من خلال استقرار حقيقي في الجنوب العزيز، وهذا ما نعمل عليه مع شركائنا في المنطقة.
لذلك، فإن محاولة اعدائنا الان إعادة إحياء وتصدير الإرهاب لن يغير من حقيقة اننا ذاهبون الى تحقيق هدفنا الوطني وثابتون عليه، وندعو دول التحالف والمجتمع الدولي إلى الإسهام الفاعل معنا في جهود مكافحة الإرهاب، وصون وتعزيز الأمن والسلم الدوليين في المنطقة.
السيدات والسادة
ندعو كافة القوى والمكونات والنخب السياسية اليمنية الى توحيد صفها، من خلال إجراء حوار جاد وحقيقي وعميق يعالج مسببات الصـراع في الشمال، لضمان مستقبل آمن لمناطقهم وأجيالهم القادمة، وسنكون دائماً إلى جانبهم فيما فيه مصلحتهم سلماً أو حرباً.
الأخوات والأخوة .. رئيس وأعضاء الجمعية الوطنية
لا يسعني في هذا الموقف الا التأكيد على دعمنا الكامل لكم في كافة مهامكم الوطنية مثلما نعمل معكم دائماً، وسنكون إلى جانبكم، على عهدنا الثابت، عهد الرجال للرجل.
الرحمة للشهداء، والشفاء للجرحى، والحرية للأسرى والمعتقلين، والنصر لشعبنا الجنوبي العظيم